12:00 | 12 مايو 2017
رئيس مجلس الإدارة
الإشراف العام
محمد عشماوي
رئيس التحرير
منى الطراوي

العشرة بالمعروف.

2020/07/31 05:44 PM | المشاهدات: 1659


العشرة بالمعروف.
إهداء شعبان

قال الله ﷻ في كتابه {وعاشرونهن بالمعروف}

بالمعروف                                  

 

المعاشرة هي اسم، ومصدرها عَاشَرَ، وفي اللغة تعني المخالطة، أو المصاحبة، أو المساكنة.

 

والمعروف في اللغة، يدور معناه غالبًا على ما تعارف عليه الناس وعلموه ولم ينكروه. أو هو ما يُستحسن من الأفعال، مثل قوله تعالى ﴿وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ﴾ (الطلاق:٦). وهو اسم جامع لكل ماعرف من طاعة الله والتقرب إليه والإحسان إلى الناس. وهو النصفة وحسن الصحبة مع الأهل وغيرهم من الناس، والمنكر ضد ذلك جميعه.

 

 

لا تختلف العشرة في الاصطلاح عن معناها في اللغة، الذي هو المخالطة والمداخلة في أمور الحياة، فإن تعلقت العشرة بالنساء كان المراد بها مايتعلق بأمور المبيت والنفقة، وغير ذلك من أمور الحياة، وتدخل العشرة الحسنة بذلك ضمن التكاليف المتعلقة بأحوال النساء خاصة. وهي أن يوفيها حقها من المهر والنفقة، وترك أذاها بالكلام الغليظ والإعراض عنها، والميل إلى غيرها، وترك العبوس في وجهها بغير ذنب. وهو التعامل بتعاليم الدين والتأدب بأخلاق المسلمين، وحُسْنِ الصحبة على كراهة النفس، وتحمل أذاهنَّ وعدم تحميلهن ما يفوق طاقتهن في الخدمة. وإجمالاً هي حسن الصحبة بين الزوجين، وتحملهما لأعباء الحياة وظروفها بسرائها وضرائها، واحترام كل الزوجين للأخر.

 

 

أقرأ أيضاالحقوق الزوجية

 

وقد بينا هنا التركيز على مفهوم المعاشرة بالمعروف أكثر من المودة، لأنه أعم وأشمل من المودة والحب، حيث يتضمن المعاملة الحسنة لمن تحبه ولا تحبه، ولا يرتبط بالعاطفة المتقلبة وفقاً لأهواء النفس، بل هو سلوك ينطوي على الاحترام وعدم الإساءة حتى لمن أساء إليك، وهذا ما نحتاج إليه في تعاملاتنا اليومية، ونحتاجه أكثر في الحفاظ على الأسرة، واستدامة الحياة الزوجية حتى لو انتهت مشاعر الحب بين الزوجين، ستبقى العشرة الحسنة، وستنطبع على حياة الأبناء، وسلوكهم. وإذا كان المعروف محور أحكام الشريعة، فالحياة الزوجيـة يجب أن تقوم على أساس المعاشرة بالمعروف، التي هي قضاء حاجات الطرفين الزوجية، وتحقيق حقوقهما، وتوازن الواجبات والحقوق المتبادلة بينهما.

 

المعاشرة بالمعروف أسلوب للحياة

 

 

 

أقرأ أيضامقدار المهر وسلطة ولي الأمر في تحديده

 

 

بين الله عز وجل المعاشرة بالمعروف كأساس ومبدأ يجب الاعتماد عليه، وهو في حد ذاته يشكل أسلوب للحياة بين البشر على وجه العموم، وبين الزوجين على وجه الخصوص. وفي سياق الحديث عن الأسرة، فسوف نتتبع مبدأ المعاشرة بالمعروف من بداية اختيار الزوجين لبعضهما، مروراً بالخطبة، وعقد الزواج، والحياة الزوجية ومتطلباتها، وصولاً للطلاق.

 

في البداية يجدر بنا التأكيد على أن العدل والرحمة من أساسيات تحقيق التوازن بين الرجل والمرأة، فقال الله سبحانه وتعالى ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ (البقرة: 228) وفي معناها قال الزمخشري أي يجب لهن من الحق مثل ما يجب لهم عليهن بالمعروف، بما لا ينكر في الشرع وعادات الناس، فلا يكلفونهن ماليس لهم، ولا يعنف أحد الزوجين الآخر.

 

 

أقرأ أيضاًحقيقي النفقة ومقدارها

 

 

 وقال ابن عباس أي لهن من حسن الصحبة والعشرة بالمعروف على أزواجهن مثل الذي عليهن من الطاعة فيما أوجبه عليهن لأزواجهن. وقال السعدي للنساء على بعولتهن من الحقوق واللوازم مثل الذي عليهن لأزواجهن من الحقوق اللازمة، ومرجع الحقوق بين الزوجين يرجع إلى المعروف، وهو: العادة الجارية في ذلك البلد وذلك الزمان من مثلها لمثله، ويختلف ذلك باختلاف الأزمنة والأمكنة، والأحوال، والأشخاص والعوائد، وفي هذا دليل على أن النفقة والكسوة، والمعاشرة، والمسكن، وكذلك الوطء، الكل يرجع إلى المعروف، فهذا موجب العقد المطلق.

 

 

 

أقرأ أيضاحق المهر والاصل في وجوبه

 

ومثل المعاشرة بالمعروف من حياة النبي ﷺ ..

 

عن عائشه رضي الله عنها قالت: خرجنا مع رسول الله ﷺ في بعض أسفاره حتى إذا كنا بالبيداء أو بذات الجيش انقطع عقد لي فأقام رسول الله ﷺ على التماسه، وأقام الناس معه وليسوا على ماء وليس معهم ماء، فأتى الناس إلى أبي بكر الصديق، فقالوا: ألا ترى ما صنعت عائشة؟ أقامت برسول الله ﷺ وبالناس.. فجاء أبو بكر ورسول الله ﷺ واضع رأسه على فخذي قد نام.

 

 

قال الشيخ رحمه الله: في الحديث حسن معاملة الرسول صلى الله عليه لأهله، وذلك في موقفين:

 

الأول: مراعاتها حتى تجد العقد.

 

الثاني: أنه كان نائماً على فخذها، وهذا مما يوجب المودة بين الزوجين والألفة.