12:00 | 12 مايو 2017
رئيس مجلس الإدارة
الإشراف العام
محمد عشماوي
رئيس التحرير
منى الطراوي

يحكي لي جدي

2020/07/25 02:18 PM | المشاهدات: 575


يحكي لي جدي
عبير عبد اللطيف

يحكي لي جدي دائماً عن زمانهم فيقول لي مازحًا ( زمنكم دا يابت زمن أغبر ) لا أعلم ما معنى أغبر ولكني فهمت أنها كلمة قبيحة وصفًا فوجدت نفسي سرًا أقول صدقت يا جدي فزمننًا زمن جميع المنكرات ولكني عدت إليه سريعة منتبهة فوجدته يقول لي وهو مبتسمًا :

 اقرأ ايضاً: كيفية التعامل مع الآخرين

كان في زمننا جميع أنواع الاحترام فهذا الراجل الوقور لا يرد له كلمة فكلمته تسري على الجميع قريباً وبعيدا فهو الوقور الحكيم، وهذا يأتي إليه الناس من جميع أنحاء البلدة يطلبون منه المشورة فهو المعروف عنه الحكمة والرأي الرشيد فكان لا يرد سائل، يقف بجوار الجميع

وذاك الآخر كان يحكم بين الناس في مشادتهم وخلافهم فهو المعروف عنه العدل يحكم بين الناس بما أمر الله حتى لو كان الحكم على أقرب شخص إليه فخوفه من الله أشد من خوفه من الناس بكثير .

 

فسكت برهة من الوقت وأنا أنظر إليه أقارن بين ما قاله وبين ما نحن عليه يا الله أين نحن من هذا الزمن .

اقرا ايضاً: طريقة معاملة الأبناء

وجدته ينظر إلي يقول لي هل تعرفي يابُنيتي في زمننا كان لا يوجد خصام مثل الآن فمن الذي يستطيع أن يبعد عن جاره أو أن يترك صديقه شهرًا وأكثر تدري إذا حدث أي مشادة بين اثنين منا صباحًا فيأتي المساءًا نكون جميعاً جالسين أمام منازلنا و هذان المتخاصمان صباحًا يجلسان معًا يتناقشان في جميع أمور الحياة ويحكي كلا منهما مشاكله الشخصية ويقدم كلا منهما النصح للآخر فسرحت بعدها أتذكر كم من أصدقاء تركونا ولم ينظروا ورائهم ولو نظرة واحدة بل وذكرونا بأسوء الصفات ويشهد الله أننا منها أبرياء سامحك الله يا جدي ماذا تفعل بي .

 

ثم رأيته ينظر لصورة قديمة لجدتي رحمها الله ويقول لي أتدري يا حفيدتيِ كنا في زمننا لا يرى الزوج زوجته إلا في يوم الزفاف لكنه يحبها بعد ذلك حباً شديدًا ولا يهينها قط فهى من بيت رجال من يجرؤ أن يهينها كانت إهانتها من إهانته فيحافظ عليها وعلى كرامتها بروحه لا يمسها بسوء لا قولاً ولا فعلاً لا أقول أنه كان لا يوجد خلاف بل كان يوجد والكثير أيضاً ولكنه خلاف لا يتعدى احترام كلا منهما للآخر تعرفين لم أنادي لجدتك يومًا باسمها فإذا كنا بين الناس فهى سيدة بيتي و إذا كنا منفردين فهى سيدة قلبي أحببتها حبًا جما ويشهد الله أنها كانت نعمة الزوجة تتقي الله في فماذا أريد بعد ذلك ؟ 

يا الله ما كل هذه المشاعر يا جدي لإنسانة لما تراها قط سوى في زفافكما و روحت أتذكر جميع قواضي الطلاق التي سمعت عنها فهناك أزواج ينفصلون بعد ربع قرنًا من الزواج و تذكرت تلك الزوجة التي رأيتها يومًا لم يظهر لها أي ملامح في وجهها هرعت إليها أسألها ماذا حدث لها فأجابتني أن زوجها كان يضربها وعندما استنكرتُ فعلته قالت لي أغرب كلمة ممكن أن أسمعها يومًا أصله عصبي بس حنين يومها مسكت لساني عن قول كلمةً بزيئة لها واستنكر عقلي رافضًا ماذا لو كانت عصبيته هذه سبب موتك في يومًا من الأيام فبماذا تنفعك حنيته في قبرك وتذكرت كلمة سمعتها من أحد السائقين يومًا ( خليها تنفعك ياروح أمك ) وتذكرت تلك الزوجة وهى تشتم زوجها بأبشع الألفاظ وتجعل نفسها نادًا له فأين حقوق وواجبات كلا منهما؟.

اقرأ ايضاً: التفكك الأسري وتوابعة

سمعت جدي يصرخ في 

ماذا تفكري يا فتاة ألم أحدثك فنظرت إليه أؤمرني يا جدي نظر لي كأنه يستحقرني قائلًا هذا هو زمنكم لا يُحترم فيه أحدًا تركتيني أحدثك وسرحتي في ملكوتك

 جدي حبيبي ألم تشعر بكم الأسى الذي شعرت به أنا ؟ 

فقال لي صارمًا لا لم أشعر ولن أجلس معكي مرةً أخرى وتركني وذهب .

 

يا الله ماذا حدث في زمننا ألم نحظى بكل الرفاهيات، وارتفع مستوانا التعليمي في جميع المجالات فلماذا هذا الإنفلات الأخلاقي ولكني بعد تفكير بسيط توصلت أن أجدادنا كانوا أشخاص أُميون ولكنهم كانوا على الفطرة يتبعون تعاليم ديننًا الحنيف بكل حب وبساطة ونحن اليوم مسلمين اسمًا فقط مع أننا قد درسنا كل تعاليم الإسلام ولكننا للأسف لا نتبعها و عندما أردت الذهاب رأيت صورة لجدي على الحائط فوجدت لساني يقول أفيه قد سمعته في أحد الأفلام (والله قعدتك غم يا غريب ) سامحك الله يا جدي لن أجلس معك ثانية .