بني الملك امنمحات الثالث أحد هرميه في الفيوم لشدة ارتباطه بهذا الإقليم الذي يرجع الكثير من ازدهاره إلى حصافته وبعد نظره، وهرم هوارة ليس له معبد وادي أو طريق صاعد، وإلى الجنوب منه مباشرة نجد المكان الذي كان فيه مبنى اللابرانت الشهير، ويكاد يكون مؤكداً أن المعبد الجنائزى لامنمحات الثالث كان على الأقل جزءا من ذلك المبنى الذي مات امنمحات دون أن يتم العمل فيه، فقامت بذلك أبنته "سوبك-نفرو" التي حكمت البلاد كآخر حكام الأسرة الثانية عشرة،ويرجح جدًا أنه دفن في هذا الهرم.
إقرأ أيضًا.شمس مصر/ قاهرة الغزو الفرنسي .
كان طول هذا المبنى العظيم حوالي 350مترا، وعرضه 244مترا، أى أن اتساعه يكفي لأن يكون في داخله معبد الكرنك والأقصر، ولكن لم يبق الآن جدار واحد في مكانه، لأن سكان هذا الاقليم استخدموه ابتداء من العصر الروماني كمحجر يأخذوا منه مايلزم للبناء، ولا نرى في موقعه اليوم إلا بعض "الفرشات" المدكوكة تحت أساسات الجدارن، والكثير من قطع الاحجار الصغيرة المتناثرة من الحجر الجيري(الجرانيت)، والتي تغطي سطح الأرض في ذلك المكان.
إقرأ أيضًا.شمس مصر : بردية اليائس من الحياة .
لهرم هوارة أهمية كبيرة، وتظهر فيه عبقرية المهندس المعماري الذي شيده، وما لجأ إليه من حيل معمارية متحديًا لصوص المقابر، ويشبه هذا الهرم في عمارته هرم "سنوسرت الثاني"في اللاهون؛ إذ أنه مشيد باللبن، وأن المساحات التي بين الجدران المتقاطعة ملأوها أيضًا بالطوب، وان كساءه الخارجى كان من الحجر الجيري الأبيض،ولكن حجراته الداخلية ودهاليزه فريدة من نوعها. كان الارتفاع الأصلي لهذا الهرم ٥٨مترا تقريبا، وطول كل ضلع من اضلاعه ١٠٠متر تقريبا، وزاوية ميله ٤٥°٤٨°، ومدخله في الجهة الجنوبية، يؤدي إلى عدد من الدرجات تنزل إلى ممر يظهر كأنه مسدود تمامًا لايتصل بأي مكان آخر.
إقرأ أيضًا.شمس مصر/ معبد بيت الوالي .
ولكن الحقيقة أن الكتلة الحجرية التي سقفوا بها هذا الممر كان يمكن تحريكها إلى أعلى، وتكشف عن حجرة أخرى تؤدي إلى ممر مملوء بكتل من الحجر. ولم يكن كله إلا حيلة من المهندس القديم لتضليل اللصوص، وقد نجحت هذه الحيلة لأن اللصوص القدماء أحدثوا ثقبًا في هذه الكتل الحجرية، وتحملوا عناءًا كبيرًا حتى وصلوا إلى نهايتها ليجدوا أنه لا يؤدى إلى أي مكان آخر. ويؤدي الممر الأصلي إلى مكان آخر مسدود لايوصل إلى شيء؛ إذ نجد فيه متراسًا متحركًا وراءه ممر مسدود، ولكن يوجد في ذلك الممر نفسه حجر متحرك يؤدي إلى ممر سير موازيًا لحجرة الدفن على مسافة منها، وفي هذا الممر الاخير عملوا بئرين في الأرضية ليشغلوا بهما اللصوص، وفي الوقت ذاته ملأوا أحد طرفي الممر بكتل حجرية مبنية ليضللوا اللصوص الذين يحاولون عمل فجوة فيها ليبعدهم عن المدفن الحقيقي داخل هذا الهرم. بالرغم من كل هذه التضليلات قد وصلوا اللصوص القدماء إلى المكان الحقيقي الذي يوصل إلى حجرة الدفن. ولكن المتاعب التي واجهت هؤلاء اللصوص لم تنتهى عند ذلك، إذ وجد حجرة الدفن محفورة داخل كتلة ضخمة من حجر كوارتزي أصفر ولم يصل إلى حجرة الدفن إلا بتحريك كتلة ضخمة تستخدم كسقف تزن 45طن، ورغم ذلك نجحوا اللصوص فى أحداث ثقب في هذه الكتلة ووصلوا إلى حجرة الدفن وأخذوا منها ما أرادوا.