12:00 | 12 مايو 2017
رئيس مجلس الإدارة
الإشراف العام
محمد عشماوي
رئيس التحرير
منى الطراوي

نحن لا نستطيع تمييز عقل العاقل عن عقل المجنون (تجربة روزنهان).

2020/07/01 01:25 PM | المشاهدات: 1528


نحن لا نستطيع تمييز عقل العاقل عن عقل المجنون (تجربة روزنهان).
مريم مكاوى

قد نشاهد فى الأفلام السينيمائية أن أحد الأبطال يمكنه إدعاء الجنان فمثلًا يدعى أنه يتحدث مع الفراغ أو أنه يرى أشياءً غير موجودة أو يقول إنه اليوم الثلاثاء وهو الجمعة وحينها يأمر الطبيب بادخاله مستشفى الأمراض النفسية والعقلية، ولكن هل يحدث هذا فى الواقع؟ وكيف يمكن لأطباء الطب النفسى تمييز عقل العاقل عن عقل المجنون؟!

اقرأ أيضًا/ العجائب السبع الأكثر إرضاءًا فى العالم

فى عام 1973 نشرت مجلة العلوم "science" عن تجربة أجراها الطبيب النفسى ديفيد روزنهان تحت عنوان "أن تكون عاقل فى أماكن مجنونة".
ابتكر الدكتور ديفيد روزنهان تجربة فريدة هدفها معرفة كفاءة أطباء المستشفيات العقليه، كون روزنهان فريقًا باسم "المرضى المزيفون" من ثمانية أشخاص عاقلين تمامًا قد زيفوا هويتهم بمساعدة المسؤلين، وذهبوا إلى مستشفيات نفسية مختلفة وتصرفوا بجنون من أجل معرفة ما إذا كان الأطباء سيكتشفوا أنهم مزيفون أم لا؛ تألف المرضى المزيفون من ثلاثة نساء وخمسة رجال من بينهم روزنهان نفسه؛ وادعوا أنهم يسمعون أصواتًا غريبة وكلمات مثل "فارغة" و "جوفاء" وتم قبول وإدخال كل مريض كاذب إلى المستشفى التى ذهب إليها بسهولة وليس ذلك فقط بل تم تشخيص سبعة حالات منهم "ذهان الهوس الاكتئابى" أى هلاوس سمعية وتم تشخيص الحالة الأخرى "الفصام" وجميعها اضطرابات نفسية خطيرة.

كتب روزنهان أنه كان هناك "فشل موحد في الاعتراف بالسلامة العقلانية" حيث لم يتم اكتشاف أي منهم على الإطلاق من قبل موظفي المستشفى. لم يظهر المرضى الكاذبون أي أعراض جديدة، ومع ذلك استمر الأطباء والطاقمون في الاعتقاد بأن تشخيصهم كان صحيحًا.

تعرض المرضى المزيفون للتعذيب حتى قالوا اضطرارًا أنهم قد تعافوا ولكن تم اتهامهم من قبل الأطباء أنهم مجانين ويجب الانتظام فى أخد الأدوية، كان الدخول إلى مستشفى الأمراض النفسية سهلًا ولكن الخروج منها أصعب بكثير، أصدر روزنهان تعليمات للمرضى الكاذبين بتدوين ملاحظات حول تجاربهم. وكتبت ممرضة لاحظت هذا التدوين في تقريرها اليومي أن "المريض ينخرط في سلوك الكتابة".

اقرأ أيضًا/ الأخوين كولير حبيسا القمامة

سيفترض الأطباء والموظفون أن تشخيصهم كان صحيحًا ويعيدون صياغة كل ما لاحظوه بحيث يكون متناغمًا مع هذا التشخيص، كتب روزنهان:
"بالنظر إلى أن المريض في المستشفى ، يجب أن يكون مضطربًا نفسيًا. وبالنظر إلى أن كتابته مضطربة، يجب أن تكون الكتابة المستمرة مظهرًا سلوكيًا لهذا الاضطراب، ربما مجموعة فرعية من السلوكيات القهرية التي ترتبط أحيانًا بالفصام. "

تم إطلاق سراح المرضى الكاذبين في نهاية المطاف بعد أشهر من دخولهم، كما كتب روزنهان:
"في أي وقت من الأوقات أثناء دخول المستشفى، لم يتم طرح أي سؤال حول محاكاة أي مرض كاذب. ولا توجد أي مؤشرات في سجلات المستشفى على أن حالة المريض الكاذب مشتبه فيها. وبدلاً من ذلك، فإن الأدلة قوية على أنه ، بعد وصفه بالفصام كان المريض الكاذب عالقًا بهذا التصنيف. إذا كان سيخرج المريض الكاذب ، فمن الطبيعي أن يكون "في حالة مستقرة" ؛ لكنه لم يكن عاقلً ، ولا من وجهة نظر المؤسسة، هل كان عاقلًا من قبل ".

اقرأ أيضًا/ من هى أهم امرأة فى العالم؟

كان استنتاج العالم روزنهان من التجربة: 

"يبدو أننا غير قادرين على التمييز بين الشخص العاقل و المجنون فى المصحات العقلية، ما الفائدة فى وجودها إذن؟ على هذا الأساس فهى ليست إلا مؤسسات للسيطرة على المجانين من خلال الأدوية المهدئة والمسكنات ولا تلعب أى دور فى شفائهم بل بالعكس تمامًا قد تساهم فى زيادة جنونهم".