أنزل اللهﷻ على نبيّه محمد ﷺرسالة الإسلام، وجعل سبحانه دين الإسلام هو الدين الخاتم لكافة الأديان والشرائع السماويّة، وإنّ لله تعالى مُنزّل هذا الدين ومشرّع أحكامه، حقوقاً على عباده الذين خلقهم، ، وقد بيّن الله تعالى ذلك فقال في كتابه الكريمﷻ: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَّكُمْ ۖ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ)، وهذا الحقّ واجبٌ على كلّ مسلمٍ، ومن أجله أرسل الرسل والأنبياء عليهم الصّلاة والسّلام، وأنزل الكتب السماويّة؛ لهداية الناس ودعوتهم إلى عبادة الله وحده، قال الله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ).
إقرأ أيضًا/حبذا التحلي بالصبر
تنبيه:
والعبادة في الدين الإسلاميّ شاملةٌ لحياة الإنسان جميعها؛ لحركاته وسكناته في أيّ زمان وأيّ مكانٍ كان، وهي ملازمةٌ للعبد حتى موته، بها شرّف الله تعالى الأنبياء والمرسلين عليهم الصّلاة والسّلام، وبها يسمو الإنسان إلى أعلى المراتب والدرجات، وبها يلتحق بعباد الله المُنَعّمين، وبالتالي يكون الفوز والنجاح ونيل الجنّة التي وعد الله عباده الصالحين، قال الله تعالى: (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ ۚ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ وَذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ).
إقرأ أيضًا/فضل قيام الليل
شرح التعريف:
ما عبدناك حقّ عبادتك:-
الملائكة عبادٌ مكرمون، خلقهم الله تعالى من النور، لا يأكلون ولا يشربون، منّ الله سبحانه وتعالى عليهم بعبادته بأشكال العبادات المختلفة، قال اللهﷻ: (وَلَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَمَنْ عِندَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ)، ومع ما وصفهم الله تعالى به من العبادة، وأنّ منهم من هو ساجدٌ منذ خلقه الله لا يرفع رأسه إلى يوم القيامة، ومنهم من هو راكعٌ منذ خُلق، ولا يرفع رأسه إلى قيام الساعة، ومع ما هم عليه من عبادة، يقولون: (سبحانك ما عبدناك حقّ عبادتك)؛ محتقرين عبادتهم وأعمالهم في جنب الله تعالى؛ لأنّه لا يقدر أحدٌ أن يعبد الله سبحانه حقّ عبادته، أو أن يعرف الله حقّ المعرفة، أو أن يعظّمه حقّ التعظيم؛ فمهما عُبد الله سبحانه وتعالى كان ذلك قليلاً في حقّه سبحانه وتعالى.
إقرأ أيضًا/التحلي بمكارم الأخلاق
طريق العبوديّة:-
تُبنى عبادة الله على أصلين عظيمين، هما: (الحب الكامل لله، والذلّ التامّ له سبحانه)، وهذان الأصلان يبنيان على أصلين عظيمين أيضاً: (مشاهدة منّة الله سبحانه وفضله، وإحسانه ورحمته الموجبة لمحبته، ومطالعة ومتابعة عيوب النفس، والعمل المورث للذلّ التامّ لله سبحانه وتعالى، ويُعدّ الافتقار إلى الله أقرب الأبواب التي يدخل منها العبد إلى ربّه، قال الله سبحانه وتعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ ۖ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ).