أيها الزمان أهلكني مرورك السريع، ومازلت أتذكر أشياء كثيرة تدور في ذهني، ومازلت أفكر في معاني لها، وكان ضمن هذة الإشياء جملة "البعيد أعمي القلب والنظر" وكنت دائما أتخيل في ذهني، معني هذة الجمله أنها تعني إنسانًا لا يري ويحمل بيده عصا، ولكن مع مرور السنوات والخيبات أيضًا أدركت أن ذلك البعيد الأعمي ليس بالضرورة أنه يحمل عصا، فكم من ضرير يحمل عصا ولكنة يري، وكم من بصير ولكنه لا يري، فلو كانت البصيرة متعلقه أيضًا بالرؤية لكانت طيور السماء الهادئة تبصر أفضل من الأشخاص جميعا، فهناك أيضاً نوعان من الصمت، الصمت الكبير وهذا يقاس بمدته، وأيضًا صمت الكبار فيقاس بوقعه، فصمت الكبار حديث غير ناطق تتخللها نظرة، فكم من نظرات أخفينا فيها كثير من الكلمات التي لا تنطق، وكم من نظرات حملت في طياتها سنين من الشوق، وكم من نظرات حملت كثيرًا من الغضب والحزن، ونظرات أخري كثيرًا تحمل معاني كثيرة، فهناك الكثير من البصائر المزيفة، لذلك أبصر جيدًا لمن حولك وأنظر للأمور بفهم وحكمة، فبعض الكلمات غالبًا لا تأتي بالمعني الصحيح، فالعين تخبر بما يعجز اللسان عن وصفه، فماذا عن ضرير الروح وبصير القلب، وهل ضرير القلب أبصر، وضرير الروح لا يري ولو أبصر، ولكن بصير القلب لو أغمض عينه يري أكثر، فالبصيرة هي نور القلب تري ما وراء الأشياء، أنما البصر هو نور العين يري ظاهر الأشياء، ولكن هما الشيئان الذين يكملون بعضهما البعض وبدونهما تنقلب العين أداة غواية وضلال، فبالعين ننظر، وبالعقل نري، وبالقلب نشعر ونبصر، فلابد من أنك لا تأمن إلى النظرات المزيفة ولا تمسك بيد من يرى ولكنه لا يبصر حتي لا تقع في أرضا فتنكسر، وفي النهاية النظرات تعني أيضا الحياة ولكن الحياة لا تقاس باللحظات التي نتنفس بها، بل تقاس في اللحظات التي تقطع فيها الأنفاس، فالحظات أيضا لابد أن تنظر للحياة ببصيرة جميله لكي تنظر لها بنظرة أجمل.
أقرأ أيضًا:- إلي متي
أقرأ أيضًا:- علي قدر الهوي يأتي العتاب
أقرأ أيضًا:- جرحًا مازال ينزف