12:00 | 12 مايو 2017
رئيس مجلس الإدارة
الإشراف العام
محمد عشماوي
رئيس التحرير
منى الطراوي

التهاون بالمعاصي

2021/08/11 09:51 AM | المشاهدات: 721


التهاون بالمعاصي
اسراء أشرف الطنطاوي

إنّ للمعاصي وكثرتها أثراً سيّئاً على المسلم في حياته وآخرته وحتّى في صحّته وبدنه، ولقد ذكر ابن القيّم إن للمعصية آثاراً كثيرةً عظيمةً عائدةً على المسلم، منها: (حرمان العلم وحرمان الرّزق)، فإنّ العلم نورٌ يجعله الله تعالى في قلب عباده، والمعصية تطفئ نور الله أينما حلّت، وأمّا في في حرمان الرّزق، فقد قالﷺ لمن أتى معصية: (إنَّ الرَّجُلَ لَيُحرَمُ الرِّزقَ بالذَّنبِ الَّذي يُصيبُه)، ومن آثار المعاصي على المسلم أيضاً؛ أنّها تجعل بين العبد وربّه وحشةً وبُعداً حتّى أنّها لتضيّق على صاحبها علاقته مع النّاس من حوله، ولقد قال بعض الصّالحين: (إنّي لأعصي الله، فأرى ذلك في خلق دابتي وامرأتي)، والعاصي لله معرّضٌ نفسه للعسر في أموره وقضاء حاجاته، فإنّ الله تعالى وعد المتّقين باليُسر وتدبير الأمور، وكذلك كان للبعيد عن الله وتقواه العسر في شؤونه.

 

إقرأ أيضاً/فضل السعي في قضاء حوائج الناس

 

تنبيه:

المسلم الذي يحبّ الله تعالى ويسعى لمرضاته، يدرك قيمة الذّنب مهما صغر، ويعلم أنّه عظيمٌ في حقّ الله تعالى؛ فيخافه ويسعى للتّوبة منه في أقرب فُرصةٍ، مع النيّة على عدم العودة إليه في أيّ حال، ولقد وصف عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه حال المؤمن الحقّ إن وقع في معصيةٍ بقولهﷻ: (إنَّ المُؤْمِنَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَأَنَّهُ قَاعِدٌ تَحْتَ جَبَلٍ يَخَافُ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِ، وَإِنَّ الفَاجِرَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَذُبَابٍ مَرَّ عَلَى أَنْفِهِ، فقال به هكذا وجعل يده على أنفه)، وهذا يدلّ على أنّ المؤمن قد يذنب الذّنب ولكنّه يخافه ويستغفر منه ويتوب، ولا يكرّره ويستحقره، بل يراه عظيماً سيّئاً يخاف أن ينقلب عليه فيهلكه، قالﷻ: (وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا).

 

إقرأ أيضاً/السبع الموبقات

 

شرح التعريف:

التّوبة من الذّنوب والمعاصي:-

 من رحمة الله تعالى بعباده أن شرع لهم باب التّوبة؛ حتّى يتوب المسيء من ارتكابه للذّنوب والمعاصي، فقد قال تعالى: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)، والتّوبة عبادةٌ يتقرّب بها المسلم إلى الله تعالى، وبها تُغفر ذنوب العبد، وتحلّ مكان سيّئاته الحسنات، وتنتشر البركة في حياته، ولذلك على المسلم أن يسعى دائماً لتجديد توبته.

 

إقرأ أيضاً/حصنك الحصين

 

أمورٌ تعين على ترك المعصية :-

هنالك الكثير من الأمور التي إذا ما عقلها المسلم كانت سبباً مُعيناً له على ترك المعاصي والآثام واستقباحها، فمن الأمور المُعينة على ترك المعاصي ما يأتي: 

 

الحياء من الله تعالى؛ فإذا استشعر المسلم أنّ الله تعالى يراه وهو ملازمٌ له طوال وقته؛ فإنّه يستحيي من تصرّفه ولا يحبّ أن يرى الله تعالى منه إلا خيراً، فيكون ذلك سبباً في ترك المعصية والابتعاد عنها. 

 

مراعاة نعم الله تعالى واستشعارها، واستشعار فضل الله تعالى عليه، فإنّ المسلم إذا أدرك حاله المتقلّب بالنّعم ليل نهار؛ فإنّه سيفضّل اجتناب المعاصي؛ لأنّها سببٌ في حرمانه من هذه النّعم، فالله تعالى جعل الشّكر مفتاح لحفظ النّعم، وكفرانها وكثرة جحودها سببٌ لزوالها. 

 

الخوف الله تعالى وعقابه؛ فإذا لم يكن الحياء محرّكاً للنّفس لترك شهواتها فإنّه قد يردعها عن الإثم، الخوف من العقاب والعذاب؛ ولذك كان العلماء أعلى النّاس درجاتٍ عند الله تعالى؛ لأنّهم عرفوه فخافوا عذابه جلّ وعلا. 

 

محبّة الله تعالى؛ وهي من أعظم الأمور الجالبة لطاعته والابتعاد عن نواهيه؛ فإنّ المؤمن الحقّ محبٌّ لربّه -عزّ وجلّ- وراغبٌ في طاعته ورضوانه، منتهٍ عن أيّ إثمٍ قد يوصله إلى سخط ربّه تعالى. 

 

الإحساس الداخليّ بعلوّ قدر النفس وشرفها، وحميّتها وغيرتها عن الوقوع في الإثم؛ فإذا استشعر الإنسان غيرته على نفسه، وأنفته أن يأتي العمل المستقبح؛ فإنّه سينأى بنفسه عن الوقوع في الحُرمات لأجل ذلك. 

 

يقين العبد بأنّ ما حرّمه الله تعالى لم يحرّمه إلا لقبحه وسوئه؛ فإنّه إن أيقن قبح المعصية وشناعتها، واستحيى أن يأتيها أمام النّاس فإنّه سيقلع عنها ترفّعاً وبغضاً لها.