12:00 | 12 مايو 2017
رئيس مجلس الإدارة
الإشراف العام
محمد عشماوي
رئيس التحرير
منى الطراوي

المومياوات والزئبق وعلم التشريح

2021/07/05 04:57 PM | المشاهدات: 1361


المومياوات والزئبق وعلم التشريح
يثرب أشرف

المومياوات والزئبق وعلم التشريح

 

 

 يُوصف التحنيط المصري القديم بأنه في جوهره عملية اعتمدت على تفريغ الاحشاء والأعضاء الرخوة ومعالجة الجسد بمستخلصات نباتية، إما زيوت أو أصماغ، مع لفها بقماش كتاني مُعَالج. وانتقلت هذه الطريقة لأوروبا مع ادخال تعديلات عليها في مطلع القرن السادس الميلادي. وورد وصف لها في كتابات بعض الأطباء، من بينهم بيتر فوريستوس (1522-1597) الذي اعتمدت طريقته على تفريغ الأحشاء ومعالجة التجويف البطني بغسله بماء بارد ومواد كحولية روحية كالبراندي مع حشوه بقطن مغموس بالكحول وبودرة من مواد عطرية كالصبار والمُر والروزماري (إكليل الجبل) وغيرهم. ثم غلق التجويف بالخياطة ولف الجسد بقماش مُعَالج بالشمع.

 

إقرأ أيضًا/عز الدين القسام (الجزء الثالث)

 

وظل التحنيط بتفريغ الأحشاء والمعالجة بالمواد الروحية والنباتات العطرية هو السائد في العصور الوسطى إلى أن جاء عصر النهضة الأوربية ومعه نهضة طبية، احتاج خلالها الأطباء لحفظ الاجساد لدراستها تشريحيًا. فتحولت العملية من المعالجة بالغسل إلى حقن التجاويف الجسدية بمواد كيميائية حافظة. وسرعان ما تحول إلى الحقن الوريدي مع اكتشاف الدورة الدموية. وكان ليوناردو دافنشي من بين من استخدموا الحقن بمحلول اشتمل على زيت التربنتين والكافور واللافندر والخمر وصنوبريات ونترات الصوديوم ونترات البوتاسيوم وغيرهم. 

 

وعلى هذه المحاليل الحافظة ادخل راينر دي جراف (1641-1673) مادة الزئبق لأول مرة وحقن بها الأجساد، واستمر علماء التشريح في إضافة أوكسيد الزئبق وكلوريد الزئبق الثنائي إلى محاليل تحنيط تضم الزرنيخ والزنك وغيرهم خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، إلى أن تراجع استخدامه لمصلحة الفورمالين الذي أضافه لأول مرة ألفريدو سالافيا (1869-1933) لمواد الحقن. 

 

إقرأ أيضًا/أسرة القطر البحري

 

وبالرغم من سيطرة الفورمالين على عملية حفظ الأجساد في المعاهد الطبية الأوربية منذ نهايات القرن التاسع عشر، ظلت مركبات الزئبق والزرنيخ والزنك المواد الأساسية في التحنيط داخل محال الحانوتية الأمريكية (funeral homes) أثناء الحرب الأهلية (1861-1864). إلا أن نهاية الفورمالين قد كُتبت، حيث سيتم إيقافه مع حلول عام 2025، فقد تبين أنه مادة مسرطنة؛ لذا على علماء التشريح إيجاد بدائل له.

 

ومن هذا يتبين أن استخدام الزئبق في محاليل التحنيط هو ممارسة حديثة ابتكرها علماء التشريح في العصور الحديثة، وليس المحنطون المصريّون القدماء؛ لذا فلا وجود للزئبق بالمومياوات المصرية.

 

إقرأ أيضًا/قائمة الملوك السومرية