فضل ليلة القدر:-
تُعَدّ ليلة القَدْر ليلةً من الليالي العظيمة المباركة في الإسلام؛ تُعَدّ ليلةٌ من الليالي العشرة الأخيرة من شهر رمضان المبارك، وهي غير مُحدَّدةٍ بليلةٍ مُعيَّنةٍ قال ﷺ: (فَالْتَمِسُوهَا في العَشْرِ الأوَاخِرِ، والتَمِسُوهَا في كُلِّ وِتْرٍ)، وإذ اختصّها الله دون غيرها من الليالي بنزول القرآن الكريم فيها، قالﷻ: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ)، كما أنّ الأجر المُترتّب على العمل الصالح فيها ليس كالأجر المُترتّب على العمل الصالح في غيرها من الليالي؛ فالأجر فيها مُضاعف، ويزيد عن عمل ألف شهر، قال ﷻ: (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ)، وخير ما يؤدّيه المسلم فيها الاجتهاد في الطاعات والعبادات؛ من صلاةٍ، ودعاءٍ، وتسبيحٍ، وقراءة للقرآن، قالﷺ: (مَن قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إيمَانًا واحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ)، بالإضافة إلى أنّ قيام ليلة القَدْر أحد أسباب غفران الذنوب، وقِيل إنّها في الليالي الوتريّة من العشر الأواخر من رمضان.
إقرأ أيضًا/حكم أكل لحم الحصان
تنبيه:
علامات ليلة القدر:-
تكون السماء فيها صافية ساكنة، ويكون الجوّ فيها معتدلاً؛ غير بارد ولا حارّ، وتخرج الشمس في صباحها من غير شُعاع تُشبه القمر في ليلة البدر؛ لقول النبيّ ﷺ: (أنَّهَا تَطْلُعُ يَومَئذٍ، لا شُعَاعَ لَهَا)؛ والشُّعاع هو الضوء الذي يُرى عند بداية خروجها، ويكون كالحبال، أو القضبان التي تُقبل إلى الشخص الذي ينظر إليها.
تتمثل بالنقاء والصفاء؛ فقد رُوي في أثرٍ غريبٍ عن عبادة بن الصامت: (أمارَةَ ليلةِ القدْرِ أنها صافيةٌ بَلِجَةٌ كأن فيها قمرًا ساطعًا ساكنةٌ ساجيةٌ لا بردَ فيها ولا حرَّ ولا يحِلُّ لكوكبٍ يُرمى به فيها حتى تُصبِحَ، وإن أمارتَها أنَّ الشمسَ صبيحتَها تخرُجُ مستويةً ليس لها شُعاعٌ مثلَ القمرِ ليلةَ البدرِ ولا يحِلُّ للشيطانِ أن يخرُجَ معَها يومَئذٍ).
تمتاز بالسكينة والطمأنينة، وراحة القلب، ونشاطه لأداء الطاعة، وتلذُّذه بالعبادة أكثر من الليالي الأخرى؛ وذلك بسبب نزول الملائكة أفواجاً؛ فقد قال ﷻ: (تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ)، ورُوِي عن أبي هريرة: (وإن الملائكةَ تلك الليلةَ أَكْثَرُ في الأرضِ من عَدَدِ الحَصَى)، وهذا ما يحدث فى ليلة القدر وعلى مقدمتهم جبريل علية السلام.
إنها ليلة لا يُرمى فيها بنجم؛ لحديث النبيّ ﷺ: (ليلةُ القدرِ ليلةٌ بَلْجَةٌ، لَا حارَّةٌ ولَا بَارِدَةٌ، ولَا سَحابَ فِيها، ولَا مَطَرٌ، ولَا ريحٌ، ولَا يُرْمَى فيها بِنَجْمٍ).
إقرأ أيضًا/دعوني أسير إلى خالقي
شرح التعريف:
الحكمه من إخفاء ليلة القدر:-
أخفى الله تعالى الطاعة الأفضل حتّى يُقدم الإنسان على فعل جميعها، وأخفى غضبه في المعاصي لبيتعد الإنسان عن جميعها، وأخفى اسمه الأعظم ليعظّم الإنسان جميع أسمائه، وأخفى ليلة القدر ليعظّموا جميع ليالي رمضان؛ فمعرفة ليلة القدر يجعل الإنسان يُقدم على العبادة والدعاء في تلك الليلة فقط.
أمّا عدم علمه بيومها سيجعله يُقدم على العبادة في جميع أيّام شهر رمضان خاصّة في العشر الأواخر منه، تُكسب طاعة الله سبحانه في ليلة القدر مع العلم بها الإنسان ثواب ألف شهر، وبالمقابل فإنّ معصيته في تلك الليلة مع العلم بها أشدّ من معصيته مع عدم العلم بها، والله تعالى رحيمٌ بعباده، ودفع العقاب أولى من جلب الثواب لذلك أخفاها سبحانه عن عباده.
إقرأ أيضًا/عقيدتي الدرس السابع (العقيدة واللغة)
الدعاء فى ليلة القدر:-
يغتنم المسلم ليلة القدر بالإكثار من الدعاء، والأذكار، والتسبيح، وسؤال الله ﷻ العِتق من النيران، والتعوُّذ منها؛ فالدعاء فيها مُستجابٌ، والاجتهاد فيه مرغوبٌ، ولذلك يتسابق العباد، ويحرصون على التوبة، والفوز برضا اللهﷻ، وتوفيقه، ونَيْل المنزلة الرفيعة، قال سفيان الثوريّ: (الدعاء في ليلة القدر أحبّ اليّ من الصلاة)، وأفضل ما يدعو به المسلم في ليلة القَدْر العفو والمغفرة من الله سبحانه، إذ رُوي عن أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنّها قالت: (قلتُ يا رسولَ اللهِ أرأيتَ إن علِمتُ ليلةَ القدرِ ما أقولُ فيها؟
قالﷺ: قُولي اللَّهمَّ إنَّك عفُوٌّ تُحبُّ العفوَ فاعْفُ عنِّي)، وقال الإمام ابن القيّم: (لا سبيل للعبد إلى النّجاة إلاّ ّ بعفوه ومغفرته وأنّه رهينٌ بحقّه، فإن لم يتغمّده بعفوه ومغفرته، وإلاّ فهو من الهالكين لا مُحالة، فليس أحدٌ من خَلقْه إلاّ وهو محتاجٌ إلى عفوه ومغفرته كما هو محتاجٌ إلى فَضْله ورحمته).
إقرأ أيضًا/وفاة النبي صلى الله عليه وسلم
قراءة القرأن فى ليلة القدر:-
يُستحَبّ للمسلم تلاوة آيات القرآن الكريم وترتيلها في شهر رمضان، ولا يُشترَط خَتمه كاملاً في تلك الليلة، إلّا أنّه ينال أجراً عظيماً، وفضلاً كبيراً إن خَتمه؛ فالقيام لا يقتصر على الصلاة، بل يكون بأداء مختلف أنواع العبادات، قال النبيّ ﷺ: (مَن قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إيمَانًا واحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ، ومَن صَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا واحْتِسَابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ).
إقرأ أيضًا/الكبائر التي نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن فعلها
الصلاة فى ليلة القدر:-
تُؤدّى صلاة القيام ركعتَين ركعتَين كما ثبت (أنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسولَ اللهِ ﷺ عن صَلاةِ اللَّيْلِ، فقالَ رَسولُ الله ﷺ: (صَلاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، فإذا خَشِيَ أحَدُكُمُ الصُّبْحَ، صَلَّى رَكْعَةً واحِدَةً تُوتِرُ له ما قدْ صَلَّى)، وقيام ليلة القَدْر من أسباب مغفرة الذنوب، وتكفيرها عن العباد.