في تاريخ كان لا يعلمه إلا الله، وهو الرابع عشر من فبراير لهذا العام، يصادف يوم الأحد، دوت في السماء أخبار وفاة الشاعر الفلسطيني مريد البرغوثي، ليجعلنا نقف كثيرا عند موته متأملين في مسيرته طوال حياته بداية من مولده بالقرب من رام الله في دير غسانة لعام 1944م، إلى أن رقوده في قبره، ومع التأمل في حياته، كان التأمل في كل الأحداث التي مرّ بها، وفي ما هو أسوأ شئ بالخصوص بالنسبة للشعراء، وهو المنافي، ليقول مريد عن وجوده دون بلدته ووطنه، عندم عجز عن العودة إليها دعد حصوله على شهادة في اللغة الإنجليزية وآدابها من جامعة القاهرة، حيث سافر إليها عام 1963م: "نجحت في الحصول على شهادة تخرّجي وفشلتُ في العثور على حائط أعلِّق عليه شهادتي". في سيرته الروائية التي لقيت رواجا كبيرا، وداع صيته من خلالها؛ بسبب حصوله عليها في عام النكسة 1967 بالنسبة للمصريين، وعام احتلال الضفة الغربية بالنسبة للفلسطينيين.
وليس غريبا أن أتأثر بموت مريد، وأنا - في الحقيقة - لم أقرأ من شعره عددا يذكر، لكنني أعرفه جيدا، أعرف شخصه، ووطنيته الأصيلة، وحلمه النبيل، وكفى أنه ظل يناضل في قصائده من أجل تحرير فلسطين، ولم يجد قلمي عائقا في كتابتي لمرثيته، بل ظل التفكير يقضُّ مجضعي، وانتشر في يدي أكلاننا حتى مسكتْ القلم وكتبتْ ليرثيه في قصيدة (مريد وفلسطين):
بكـتْ أرضٌ مـشـىٰ فيها مـريدُ وغــنّـى والغُـــنا مـــنهُ نشـــيدُ
فلســطينُ هـــي أرضٌ هــواهـا وكــان لها مــِنَ الْحُــبِّ الْمزيدُ
لــقد ظلّــت تنـادي فـي بكــاءٍ ومــانعُ صــوتِهِ منـــفى بعــيدُ
وعـاش بـشوقِـهِ زمـنًـا مريضًا ويُـمْـــرضــهُ كثيـرًا إذ يـزيـــدُ
وزاد مــن الأسـى حـلمٌ عظيمٌ ســـلامٌ دائـمًـا فـيــهـا يـســودُ
تـــرىٰ لَبَسَـتْ فلسطــينُ ثيابًـا. هــو حـزنٌ، بكى، هــمٌّ، حـدادُ
إلى رضـوىٰ ذهبَتْ فخذْ إليها سـلامًا مِـن بنـي عُــرْبٍ يُـراد