هل تخيلت يومًا أن هُناك شخص ما موجود على الأرض ، بشريٌ مثلي ومثلك .. يقتل أكثر من مائة ألف شخص !
عندما تغضب أو تتصرف تصرفًا قاسيًا بعض الشيء ، فهل يُقال لك أنت دراكولا .. على سبيل المزاح !
دعنا نتعرف عليه الآن .. هو الآن ليس بيننا .. إذًا فأنت محظوظ لأنك لم تلقاه يومًا ..
هو من أكثر الشخصيات غموضًا وقسوةً وفزعًا على مر التاريخ ، بل وأيضًا صُنفت تصرفاته على أنها تصرفات جنونية لا تمُت للإنسان الطبيعي بصلة
كيف بدأت حكاية دراكولا ، وكيف وصلت إلينا ؟
في سنة ١٨٩٧ نُشرت رواية بواسطة المؤلف برام ستوكر تتحدث عن مصاص دماء يُعرف بـ دراكولا ، وإذا عُدنا سويًا بذكرياتنا مع أفلام الرعب السنيمائية فسنكتشف أننا رأينا تلك الشخصية في الكثير من الأعمال الفنية ..
حتى الآن .. أنت تتوقع أنها مجرد رواية ، أو عمل فني ، ولكن دراكولا كان موجودًا وليس مجرد بطل رواية خيالية
إنه فلاد الثالث دراكولا ، وُلد سنة ١٤٣١في رومانيا .. ولقد حكم إقليم يُعرف بـ والاشيا ، وذلك من سنة ١٤٤٨ حتى سنة ١٤٧٦ ولكن لفترات مختلفة غير متتالية ..
إذًا حتى الآن كل شيء ما زال طبيعي ، فكيف عكست لنا شخصيته مدى وحشيته ، ومن هو دراكولا وما معنى إسمه ؟
في اللغة اللاتينية معنى إسم دراكولا : إبن التنين
أما في اللغة الوالشية فمعناه : الشيطان
بدأت حياة دراكولا وتوليه الحُكم بأن تم إرساله هو وأخيه كرهائن بواسطة والدهما أثناء فترة الحكم العثماني ، وذلك بغرض التقرّب من العثمانيين والتدرج في المناصب وإثبات الولاء التام لهم ..
وبالفعل .. وثق به العثمانيين وجعلوه يتربى تربية سليمة ، فتعلّم الكثير من العلوم وأصبح بارعًا في ركوب الخيل ، فأصبح من أكثر المحاربين براعةً ودهاءً ..
ولكن ما حدث بعد ذلك كان غير متوقع ، فتخيّل معي الآن ما حدث مع دراكولا وجعله يصبح أكثر شرًا ، بل وأكثر جنونًا !
في معركةٍ من ضمن المعارك التي قادها والده كانت نهايتها قتل والده ، مما أدى إلى رغبة دراكولا في الإنتقام .. ليس فقط ممن قتلوه ، بل مِن كل مَن حوله ، من العالم بأكمله ..
فكَّر كثيرًا حتى ينتقم ، فقرر أن يستعيد منصب والده ويُصبح هو مكانه حتى يستطيع أن يفعل ما يدور برأسه ، فبدأ بأسر كل مَن ساهم ولو بكلمة في قتل والده وقتل الجميع بأبشع الطرق فعذبهم عذابًا شديدًا حتى الموت ..
هل تتخيل الآن أن ينتهي الإنتقام هُنا .. ؟
لم يتوقف فلاد الثالث دراكولا عن وحشيته ، فكان يرى الجميع مُذنب .. الجميع لا يستحق الحياة .. يجب أن يموت كل من حوله
يُقال أنه في يومٍ من الأيام قام بدعوة سُكان المدينة الفقراء إلى وليمة في قصره ، وتوعد لهم بأنه سوف يجعلهم يتخلصون من الفقر وكل ما يُعانون منه في الحياة ، فهل خطر ببالك الآن أنه إنسان يحب الخير ؟
لا .. لم يفي بوعده .. أو بالأحرى وفى به ولكن بطريقته الخاصة ، وتفكيره الغامض
بعد أن إنتهى الجميع من الطعام أمر حُراسه بأن تُغلق أبواب القصر ويُحرق الجميع دون أن يبقى ولو شخصًا واحدًا على قيد الحياة ، سواء كان رجل ، أو امرأة ، أو طفل ، أو أيًا كان نوعه .. وبالفعل مات الجميع ، وخلصهم من الفقر
من ضِمن الوحشية التي وصل إليها فلاد الثالث أنه قتل الكثير من النساء وأمّر أطفالهم أن يأكلون من لحمهم دون رحمة أو شفقة ..
هيا بنا الآن ننتقل إلى عام ١٤٦٠ مع دراكولا ، أو الوحش البشري ..
في عهد الدولة العثمانية ، وتحديدًا أثناء حكم السلطان محمد الفاتح .. كان من ضمن القوانين التي تسير على الجميع « دفع جزية أو ضرائب » وبما أن دراكولا من سُكان المدينة التي يحكمها العثمانيين ، فيجب عليه دفع الجزية ، وعندما أرسل السلطان محمد الفاتح رُسله لـ دراكولا حتى يقوم بتسديد الجزية ، رفض دراكولا .. ولم يكتفي بهذا فقط .. أظن أنك يمكن الآن أن تتخيل ماذا فعل بهؤلاء الرُسل الذين أرسلهم محمد الفاتح !
نعم .. تفكيرك صحيح عزيزي القاريء ، لقد قتلهم ..
أتُريد أن أشرح لك كيف قتلهم ؟ لن أخفي عنك أمرًا واحدًا ، فأعتقد أنك تستمتع بسماع تلك القصة وكأنها رواية خيالية ، أو فيلمًا سنيمائيًا .. وواجبي تجاهك أن أُذكرك بين الحين والآخر أنها حقيقة مطلقة ..
فتعالى معي نرى مشاهد قتل رُسل السلطان محمد الفاتح بواسطة دراكولا
لقد كانت مشاهد القتل غاية في القسوة ، فأمّر دراكولا الرسل بخلع عمائمهم إحترامًا له ، ولكنهم رفضوا ذلك فأمر الحُراس بقتل الرُسل عن طريق تثبيت عمائمهم وهي على رؤوسهم بمسامير عقابًا لهم على عدم الإحترام له .. إنها لطريقة غاية في البشاعة والقسوة للقتل ..
ومن هُنا غضب السلطان محمد الفاتح غضبًا شديدًا ، فأعّد جيشًا وأرسله إلى دراكولا بقيادة حمزة باشا ، ولكن حتى الجيش لم يقدر على وحشية دراكولا وقسوته فهُزم الجيش وقُتل أكثر من ٢٥ ألف جنديًا
ففكر المسلمون في إيجاد طريقة يستطيعوا بها أن يوقفوه عن طغيانه وظلمه وقسوته ووحشيته ، ففكروا كثيرًا .. وفي نهاية عام ١٤٧٦ قامت معركة بالقُرب من مدينة بوخاريست كان طرفيها الجيش العثماني ، و دراكولا وجيشه .. فكان الإنتصار للجيش العثماني الذي خلّص العالم من دراكولا ، وأُرسلت رأسه للسلطان محمد الفاتح ، فعرضها أمام الجميع في مدينة أدَرنة وهي عاصمة الدولة العثمانية ، حتى يكون دراكولا عِبرة للجميع وبمثابة أخذ ثأر المسلمين جميعًا من هذا الوحش القاسي .. وإعلانًا للعالم بنهاية الوحش دراكولا