تعريف المسجد:
المسجد بالكسر اسم لمكان السجود، والمسجد بالفتح جبهة الرجل حيث يصيبه السجود والمسجد بكسر الميم الخمرة وهى الحصير الصغير.
ويفسر الزركشي السبب فى اختيار كلمة مسجد لمكان الصلاة فيقول لما كان السجود أشرف أفعال الصلاة لقرب العبد من ربه، اشتق اسم المكان منه فقيل مسجد ولم يقوموا مركع، فالمساجد يعمره الزاهدون المتصوفون، ويقوى به الضعيف والغريب ويأنس إليه ابن السبيل والمسكين.
دور المسجد فى الحياة:
ومن يتبع تاريخ الإسلام يلاحظ اهتمام الحكام باستحداث المدن مع حركة التوسيع لنشر الدين خارج شبه الجزيرة العربية، ومن أجل أن يكون معسكرا ومقرا للجند فى البلاد المفتوحة وقد كانت الدول المستحدثة نوعين:
المدن الملكية، والمدن العسكرية.
من المدن العسكرية البصرة والكوف والفسطاط والقيروان، هذة المدن الذى سكنها أولا جماعة عسكرية، تحولت فيما بعد إلى حواضر مشهورة، ونلاحظ أن المسجد هو أول ما يقام فى المدينة وعلى مقربة
منه تنشأ دار الإمارة، وهذان البناءان يقعان عادة فى وسط المدينة، ففى بناء البصرة جعل عتبة بن غزوان المسجد الجامع المحور والأساس فى تخطيط المدينة، وقد تم بناء المسجد سنة 14ه وجاءت دار الإمارة قربه، ومن حولهما أقام الجند وأولادهم دورهم ومساكنهم واتبع الأسلوب نفسه سعد بن أبى وقاص عندما بنى الكوفة سنه 17ه، فقد بين حدود المسجد أولا وبجواره أقام دار الإمارة، وبعد فتح الإسكندرية اختار عمرو بن العاص موقع الفسطاط سنه 21ه وجعل مسجده وسطا من حوله تفرغت الطرقات، وفى القيروان أهتم عقبة بن نافع قبل كل شئ بالمسجد ودار الإمارة، وقام بتحديد القبلة نحو مكه المكرّمة وبيتها الحرام لأن جميع أهل المغرب سيضعون قبلتهم على مثل مسجده، وما تزال القبلة الأولى لهذا المسجد قائمة حتى اليوم، والذى نستنتجه أن المسجد الجامع كان المركز الذى تدور حوله الحياة الاجتماعية والدينية والفكرية والأقتصادية، واللافت للنظر فى المساجد التى كانت محورا فى المدن أنها كانت مساجد جامعة والمعروف أن المساجد الجامعة فى معظم الأحيان اكبر مساحة وأكثر شهرة وأبعد أثر فى مختلف ميادين الحياة من المساجد العادية الأخرى، فالمسجد الجامع أهم معالم المدينة الإسلامية وهو صاحب الفضل فى إضفاء صفة المدينة على أى مركز إسلامى، وقد كان الخليفة بنفسه، أو من ينوب عنه مؤهلا إمامة المسلمين وقت الصلاة فى هذة المساجد خصوصا يوم الجمعة، والمسجد أكتسب صفة الجامع من أجتماع المسلمين فيه لاداء هذة الفريضة وما يتبعها من مراسم.
وتجدر الإشارة إلى أن تشييد المساجد الضخمة والقصور الشامخة لم يظهر إلا بعد إنتقال الخلافة إلى دمشق سنه 41ه/661م على يد معاوية مؤسس الدولة الأموية، وقد حرص الخلفاء الراشيدين، كما حرص النبى صلى الله عليه وسلم تجنب مظاهر البذخ والترف فلما تسلم معاوية أمر الخلافة رأى أن الأمر يتطلب تشييد مساجد لا تقل فخامة عن معابد أصحاب الديانات الأخرى، وأن تكون له قصور لا تقل روعة عن قصور بيزنطية، وعندما رأى المسلمون أن الخليفة فى دمشق بنى مسجدا ضخما وجعل فيه النقوش وزينة بالرسوم، راحوا يقلدونه فى الأمصار، والمعروف أن عبد الملك بن مروان حرص على أن يكون مسجد قبة الصخرة المشرفة من أعظم الأبنية من أجل أبراز الملامح الفنية فى المسجد، فأن المسلمين لم تعوزهم الوسيلة للتعبير عما كان محرما، إذ أنهم لجأوا إلى الطبيعة المجردة فنقلوا منها ما يبدوا جميلا وصورها بدقائق الفسيفساء التى علقوها فى قباب المساجد وجدرانها وأعمدتها وقد انفقوا فى هذا السبيل الجهود الكبيرة والأموال الكثيرة، والمتاحف الإسلامية وغير الإسلامية غنية بنماذج من قطع الفسيفساء التى تعود إلى ايام الأمويين والعباسيين والدول الإسلامية الإخرى.