12:00 | 12 مايو 2017
رئيس مجلس الإدارة
الإشراف العام
محمد عشماوي
رئيس التحرير
منى الطراوي

الأجيال الجديدة والعصر الجديد

2020/10/05 07:47 PM | المشاهدات: 687


الأجيال الجديدة والعصر الجديد
أحمد السندري

أصبحت هذه الأيام تختلف عن تلك الأيام الماضية البعيدة، وأصبح كل شئ يختلف بالمقارنة بين أساليب المعيشة في أيامنا الحاضرة وبين تلك الأيام الماضية البعيدة، وذلك لكثرة التطورات التي حدثت، والاكتشافات التي غيرت من شكل العالم جملة وتفصيلا.

 

 تطور كل شئ كنا نجد فيه صعوبة، أصبح هناك وسائل مواصلات حديثة، تختصر المسافات، وبدلا من أننا كنا نقطع في السفر أياما أصبحت الطريق تقطع ساعات معدودة، فبذلك نستطيع أن نقول إننا انتقلنا من عصر البطء إلى عصر السرعة، وكأن الساعة في الماضي كانت تساوي عددا من الدقائق حينها وصارت تساوي أقل الآن، ونتيجة لذلك أصبح كل شئ سهلا، فلن تضطر أن تنتظر أياما حتى يرد عليك أخيك في بلاد أخرى على رسالتك، فقد قصرت تلك المسافات التكنولوجيا، فبقليل من الضغطات يمكنك كراسلته ورؤيته وسماع صوته، حتى أننا الأجيال القديمة تنظر كل ذلك في بدايته بدهشة كبيرة، وعدم تصديق لما هو واقع في البداية، ولا يعرفون التعامل مع كل تلك التحديثات، ولكن الجيل الجديد الذي أتى بتلك التكنولوجيا سعد بها واستراح مما كان تتعب فيه أجيال مضت.

 

إقرأ أيضا: ذو الطاقية والعكاز

ولأن الشباب هم أكثر الفئات المستفيدة من تلك التطورات في حياتها، حيث إنهم أكثر استخداما لها وتعاملا معها، فيرى الكثير أن الحياة أمامهم قد سهلت، وصارت الثمرة التي لم تطيب في الماضي قد طابت في حاضرهم، ويقولون إنهم يستطيعون أن يأكلوها جاهزة دون تعب الانتظار، وأن شباب الماضي كانوا يتعبون تعبا جما حتى يستطيعون أن يحققوا أحلامهم، ويثبت ا ذاتهم في ذلك العصر الفقير، فأصبح الشباب اليوم في سهولة من حيث القدرة على تحقيق هذه الأحلام وإثبات هذه الذات، ولكنني أرى أن شباب جيل هذا العصر هم أكثر تعبا من هؤلاء الشباب الذين عاشوا عصرا صعبا، فقد جاء العصر الجديد بكثير من التطورات ولكنه جاء أكثر بكثير من ملهيات التي تحول بين الشباب وتحقيق أحلامهم، وأنهم أكثر تعبا من هؤلاء حيث إنهم يواجهون تحديا أكبر من تحدي الجيل الماضي، فأما عن الجيل الماضي فكان يقابله تحدي واحد وهو التحقيق حيث لم توجد ملهيات من التكنولوجيا الحديثة، ومنصات التواصل الاجتماعي وغيرها، وأن هذه الجيل الجيد يعاني من تحدي النجاة من الغرق في بحر هذه الملهيات، وإن تغلب، يقابله التحدي الأخير وهو تحقيق الحلم.

 

إقرأ أيضا: هم أساس كل نهضة؟!

 

من ينظر لجينا على أنه محظوظ كليا، ورغم ذلك لا ينتهز هذه الفرص السهلة ويحقق ما لم يحققوه الماضون، فهو لم يرَ أن الشباب الماضون كانوا على قدر جميل من الحظ أيضا، وهو حظهم في عدم وجود الملهيات مثل هذه، ولا أقصد بذلك مهاجمة التكنولوجيا ولكن قصدت أن أكون منصفا، وأرد بلك على من يدعون أن الشباب أصبحوا أكثر تكاسلا، وأن إرادتهم أصبحت أكثر ضعفا، وهم لديهم كل الوسائل التي تعينهم، ثم لا يرى أن هذه الوسائل - التكنولوجيا - هي السبب في ذلك.

 

إقرأ أيضا: ماذا قلت؟!.

 

لا أرى أن جيلا بعينه محظوظ مقارنة ببقاقي الأجيال قبله؛ فكل جيل لديه من التحديات الكثير، ولأن الحياة في تغير مستمر، فالتحديات أيضا تختلف من جيل إلى جيل، فتصعب على من يريد المقارنةَ المقارنةُ بين الأجيال من حيث التحديات، فمن الظلم للأجيال الحديثة أن تصفها الأجيال القديمة أنها ذو بخت أفضل من بختها، وأنها تعيش عصرا أفضل من عصرها، لكن الإنصاف في البحث مع كل جيل حتى يتغلب على تلك التحديات التي تقف مثل صخرة كبيرة في طريق الوصول إلى أحلامهم المرجوة، وتحقيق ذاتهم الموجودة.