12:00 | 12 مايو 2017
رئيس مجلس الإدارة
الإشراف العام
محمد عشماوي
رئيس التحرير
منى الطراوي

سجناء جسد واحد

2020/09/28 06:09 PM | المشاهدات: 889


سجناء جسد واحد
رنا عصام

العقل البشري ما هو إلا كتلة من التعقيدات التي لم نستطع أن نحل لغزها حتى الآن، يحاول الكثير من العلماء حول العالم أن يحلوا بعض ألغاز هذا العقل ولكن عندما يجدوا حل لشيء يفاجئهم بما هو أصعب وأكثر تعقيداً ليظل لغز تعجز البشرية عن حله وفهم ما يدور به وتوقع ما يستطيع فعله، وهذا يبين إبداع الخالق في خلق هذا الجزء من جسم الإنسان الذي يتحكم في كل عضو وكل رد فعل له فهو المسيطر بشكل كلي على الإنسان في كل تصرفاته وأفعاله، فماذا لو أُصيب هذا العقل بأحد أنواع الاضطرابات التي تجعلك تفقد السيطرة وتفقد الوقت أيضاً؟

تحدث بعض الأشياء الخارجة عن إرادتنا والتي تؤدي لحدوث خلل في آلية عمل العقل فيقوم العقل بعمل آليات للدفاع عن نفسه وهذه الآليات تصنف أنها اضطرابات عقلية مختلفة، حيث تختلف حسب مصدر الخلل.

 

اقرأ أيضاً/الوحدة

يتعرض البعض في فترة الطفولة لصدمة نفسية معينة مثل الاعتداء الجسدي أو الجنسي أو أنه شهد فترة من الحروب أو أن الشخص انعزل عن الحياة الاجتماعية لفترة طويلة وتنتج عن هذه الصدمة ردود فعل معينة للعقل البشري منها "اضطراب الهوية التفارقي" فيما عُرف سابقاً باضطراب تعدد الشخصيات، بعض العلماء يشبهون هذه الحالة بحالة الانفصام إلا أنها تختلف قليلاً عن الانفصام حيث يكون للشخص أكثر من شخصية بديلة.

 

يُعرف اضطراب الهوية التفارقي بأنه اضطراب عقلي ينتج عندما يحاول الإنسان الهروب من الواقع فيعمل عقله على تطوير عدة شخصيات يختبئ بها هذا الشخص من واقعه الصعب الذي لا يستطيع التعايش معه، حيث يصبح الشخص مثل الصورة الممزقة أجزاؤها ويحارب من أجل تجميع هذه الصورة، وفي هذه الحالة يكون الشخص غير واعي تمامًا لما يحدث مع الشخصيات البديلة، وغالباً ما يصاحبه فقدان ذاكرة للحادث الذي تسبب بحدوث هذا المرض النفسي الصعب. 

 

اقرأ أيضاً/الاكتئاب

في بعض الأحيان نسأل أنفسنا أنه لو كانت شخصيتنا مختلفة عما نحن فيه الآن كيف سنتعامل مع بعض المواقف وننسى أن نحمد الله على اتزاننا النفسي الذي يُسهل طريقة حياتنا ويجعلنا نتحمل الصعاب، الحياة تكون صعبة جداً على من يصابوا بهذا الخلل النفسي الصعب الذي يجعلنا لا ندرك تصرفاتنا لا ندرك حتى أنه من الممكن أن تؤذي إحدى الشخصيات البديلة أقرب الناس إلينا ونحن غير واعين لما يحدث حتى، من منا يدرك قيمة أن يكون نفسه و أن يمتلك شخصية واحدة تتعامل مع كل ظروف الحياة، حيث يشعر الشخص الذي يعاني من اضطراب الهوية التفارقي بضعف شديد أنه حتى لا يملك أن يشعر بحزنه، أن يتذكر ماضيه ويتعامل معه، لا يملك حياة اجتماعية سوية، لايملك أن يكون نفسه في كل الأوقات الصعبة أو حتى اللحظات السعيدة.

 

اقرأ أيضًا/مجرمون بالغريزة

نحن نعيش في مجتمع لا يتقبل الأمراض النفسية بشكل كبير، فيعاني المصاب بهذا الاضطراب من مرضه ومن معاملة المجتمع له، يعامله الناس على أنه مجرد شخص مخبول مصاب بالجنون وانتهى الأمر لا يهتمون بمشاعره أو كونه إنسان مثلهم وكل ما في الأمر أنه مصاب بمرض نفسي يمكن علاجه، حتى إذا تم علاجه لا يتقبله الناس من حوله فلما هم بهذه القسوة وعدم الإنسانية، لما لا يشعرون بالنعم التي هم فيها ويقدروا معاناة الأشخاص من حولهم؟ أعتقد أنها الطبيعة البشرية منذ بداية الخليقة وهي كذلك. 

 

أتمنى فقط أن يفهم المجتمع خطورة الأمراض النفسية وأنها أخطر بكثير من الألم الجسدي.

من الممكن في هذا الاضطراب الذي يصيب الإنسان أن تكون أحد الشخصيات البديلة تقوم بأعمال إجرامية فما رد الفعل القانوني المناسب لهذا؟ يعتبر اضطراب الهوية التفارقي أمر مثير للجدل في القانون فيمكن أن تكون مجرد خدعة تمثيلية للهروب من جريمة ارتكبها شخص متعمداً، لذلك فهو جدل كبير للنظام القانوني. 

هناك الكثير من الناس يصابون بالأمراض النفسية وهذا لا يعيبهم في أي شيء على العكس هذا يدل أنهم مروا بالظروف الصعبة والقاسية فيجب علينا احترام كل من هو مريض وتقدير كم المعاناة التي يكون فيها هذا الشخص.