وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين..
بعث الرسول ﷺ رحمة للعالمين ورأفة بهم، وكان تعامل الرسول ﷺ مع النساء أنه يقدر ضعفهم ويحرص على حمايتهن من الأذى الجسدي والمعنوي،وكان ﷺ يظهر رحمته بهن بأكثر من طريقة وموقف،وكان ﷺ دائم الوصية للنساء وكان يقول لأصحابه (استوصوا بالنساء خيرا) وكان في خطبة الوداع يوصي الصحابة عليهم ويخاطب الآلاف من أمته.
وقال ﷺ في خطبة الوداع"واستوصوا بالنساء خيرا فإنما هن عوان عندكم"
وكان تعامل الرسول ﷺ مع زوجاته أو نساء المسلمين، بل حتى من نساء المشركين في جميع مواقفه لم يؤذي امرأة واحده أو حتى يشق عليها.
وقال: «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِي» .
ويوضح رسول الله في جملة بلاغية رائعة أن النساء يُماثِلن الرجال في القدر والمكانة، ولا ينتقص منهن أبدًا كونُهنَّ نساء، فيقول: «إِنَّ النِّسَاءَ شَقَائِقُ الرِّجَالِ» ويقول ابن الأثير رحمه الله: "شقائق الرجال بمعنى نظرائهم وأمثالهم"، بل إن رسول الله يأمر المسلمين بعدم كراهية النساء حتى لو كانت هناك بعض الأخلاق المكروهة فيهن فيقول: «لا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ»
قال الله تبارك وتعالى في حق النساء {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} [النساء:19]. غير أن الذي يلفت النظر بصورة أكبر في رحمته بالنساء هو جانب التطبيق العملي في حياته، فلم تكن هذه الكلمات الرائعة مجرد تسكين لعاطفة النساء، أو تجمُّلٍ لا حقيقة له.
أقرأ أيضا..بر الوالدين
كيف تعامل الرسول مع زوجاته.
كان الرسول ﷺ يتعامل مع زوجاته بالرفق واللين والرحمة بهم.
وهناك الكثير من المواقف في حياة الرسول مع زوجاته لندرك رحمته بهن.
اسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ -رضي الله عنه- عَلَى النَّبِيِّ فَسَمِعَ صَوْتَ عَائِشَةَ رضي الله عنها -ابنته- عَالِيًا، فَلَمَّا دَخَلَ تَنَاوَلَهَا لِيَلْطِمَهَا، وَقَالَ أَلا أَرَاكِ تَرْفَعِينَ صَوْتَكِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ يَحْجِزُهُ وَخَرَجَ أَبُو بَكْرٍ مُغْضَبًا، فَقَالَ النَّبِيُّ حِينَ خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ: «كَيْفَ رَأَيْتِنِي أَنْقَذْتُكِ مِنْ الرَّجُلِ؟» ، قَالَ: فَمَكَثَ أَبُو بَكْرٍ أَيَّامًا ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِفَ وَجَدَهُمَا قَدْ اصْطَلَحَا فَقَالَ لَهُمَا: أَدْخِلانِي فِي سِلْمِكُمَا كَمَا أَدْخَلْتُمَانِي فِي حَرْبِكُمَا فَقَالَ النَّبِيُّ: «قَدْ فَعَلْنَا قَدْ فَعَلْنَا» فرحمة رسول الله هنا قد فاقت رحمة الأب، فأبو عائشة رضي الله عنها -وهو الصديق- أراد أن يعاقبها على خطئها، ولكن الرسول لرحمته بها حجز عنها أباها! .
وقد روي أنس- رضي الله عنه- أن رسول الله كان عِنْدَ إِحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ فَأَرْسَلَتْ أُخْرَى بِقَصْعَةٍ فِيهَا طَعَامٌ فَضَرَبَتْ يَدَ الرَّسُولِ فَسَقَطَتْ الْقَصْعَةُ فَانْكَسَرَتْ فَأَخَذَالْكِسْرَتَيْنِ فَضَمَّ إِحْدَاهُمَا إِلَى الأُخْرَى فَجَعَلَ يَجْمَعُ فِيهَا الطَّعَامَ، وَيَقُولُ: «غَارَتْ أُمُّكُمْ كُلُوا»، فَأَكَلُوا، فَأَمْسَكَ حَتَّى جَاءَتْ بِقَصْعَتِهَا الَّتِي فِي بَيْتِهَا، فَدَفَعَ الْقَصْعَةَ الصَّحِيحَةَ إِلَى الرَّسُولِ وَتَرَكَ الْمَكْسُورَةَ فِي بَيْتِ الَّتِي كَسَرَتْهَا .
كان الرسول ﷺ رحيما بها ويعذر غيرتها ولم ينفعل أو يتجاوز ،بل تساهل وعفى، أخذ رسول الله هذا الموقف ببساطة، وجمع الطعام من على الأرض، وقال لضيوفه: «كلوا» ، وعلل غضب زوجته بالغيرة، ولم ينس أن يرفع قدرها، فقال: «غارت أمكم»، أي أم المؤمنين!! فأي رحمة هذه التي كانت في قلبه!
إقرأ أيضا.. حكم الإرتباط في الخطوبة
رحمة الرسول بالأرملة..
لقد رفع رسول الله قدر الذي يرعى شئون الأرملة إلى درجة لا يتخيلها أحد، فقال: «السَّاعِي عَلَى الأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ الْقَائِمِ اللَّيْلَ الصَّائِمِ النَّهَارَ» . أي فضل وأي عظمة!!
فقد روى عبد الله بن أبي أوفى -رضي الله عنه- أن النبي كان لا يأنف ولا يستنكف أن يمشي مع الأرملة والمسكين؛ فيقضي لهما حاجتهما .
بل إن هناك ما هو أعجب من ذلك، وهو رحمته بالإِمَاء، وهُنَّ الرقيق من النساء، فقد روى أنس بن مالك -رضي الله عنه- فقال: "إِنْ كَانَتْ الأَمَةُ مِنْ إِمَاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَتَأْخُذُ بِيَدِ رَسُولِ اللَّهِ فَتَنْطَلِقُ بِهِ حَيْثُ شَاءَتْ!"
وقد علَّق ابن حجر رحمه الله على ذلك فقال: "والتعبير بأخذ اليد إشارة إلى غاية التصرف، حتى لو كانت حاجتها خارج المدينة، والتمست منه مساعدتها على ذلك، وهذا دالٌّ على مزيد تواضعه وبراءته من جميع أنواع الكبر.