12:00 | 12 مايو 2017
رئيس مجلس الإدارة
الإشراف العام
محمد عشماوي
رئيس التحرير
منى الطراوي

أسرار الهرم الأكبر

2024/03/18 08:48 PM | المشاهدات: 115


أسرار الهرم الأكبر
محمود جلال اليماني

لا يزال الهرم الأكبر يحتوي على أسرار تفوق عدد أحجاره لتزيد من غموضه وعظمته. 

اعجوبه الزمن وكل زمن ، ظل الهرم الأكبر ، الأقدم والأكثر خلودًا من عجائب الدنيا السبع ، يتحدى الزمن طوال الوقت.

وهو يحتفظ بصفحات تاريخية مطوية تحيط بها الالغاز ويكتنفها الغموض.
 
يُعَدُّ الهرم الأكبر من أشهر المعالم الأثرية في العالم، ولا يزال يحتفظ بالعديد من الأسرار والغموض حتى يومنا هذا. 

فقد تم بناؤه قبل آلاف السنين، ويتساءل الباحثون حتى الآن عن كيفية بنائه وكيفية نقل الصخور الضخمة التي استخدمت في إقامته.

 يتميز هذا الهرم بحجمه الضخم وارتفاعه، حيث يصل إلى 147 مترًا، كما أنه يحوي على غرف داخلية وأنفاق تثير فضول المؤرخين إذ لم تُحَل بعض هذه الأسرار حتى الآن.

 فبعض التحليلات تشير إلى احتمالية وجود غرف سرية داخل جدران الهرم، في حين تشير نظريات أخرى إلى استخدام نظام رافعات لإقامة هذا المعلم، كذلك هُنَاكَ اقتراحات بوجود مدخل سري للهرم.

لقد وصفت المتون والبرديات والوثائق التاريخية الهرم الاكبر ب "كتاب اله السماء " نظرًا لأن المصريين كانوا يرون أن هذا الهرم يشبه سُلَّمًا يصل إلى سماء المجد، وأن  الملك قد بُعث إلى هذا المكان ليلامس سِحْرَ هذا المكان ويرى رؤى إلهية.

و وصفه "جريفر " بأنه بيت الحكمة الذي يحوي معاني سر الحكمة والعلم ,لايكشف عنها الا لمن ينال الاذن الالهي .

تقول بردية تحوت الي خوفو ,عندما سلمه اسرار الهرم الاكبر :
"لاتدع أحدا يطلع عليه أو يراه الا الملك وشرحب (الكاهن الاكبر) لن يراه أحد أو يقترب من بهو المقدسات أحد إنه يحوي أسرار الوجود المقدسة لا يطلع عليه أحد أو يسمع عنه غريب ..لاتدع عيناه تراه أو أذنا تسمعه .... لاتنطق بما فيه لاحد ولن يسمع عنه الا انت نفسك ,ومن يفسر لك تعاليمه وأقرب الناس الي قلبك ,ومن أمتلأت قلوبهم بذور الاله,لاتطلع أحدا علي مكان وجودها, ان مابه من أسرار تعطي لمن يكتشفها القوة التي ترفعه الي مصاف الالهة في الحياة وتكشف له الغيب وتنير له الطريق المؤدي الي عالم الخلود ستنير له طريق اليوم وتكشف مايخبئه الغد وتوضح له المصير ."

 ولقدجذب الهرم الاكبر انتباه المؤرخين والمفكرين علي مر العصور .

 وحاول كل من علماء الآثار والفلك والهندسة والرياضيات والفنون حل لغز الغرض من انشائه كل في ناحية اختصاصاته ووسائل تخصصه توصل كل منهم الي ماوصفه "بالحقيقة" ,وأعلن أنه قد وضع يده علي مفتاح اللغز ,عندما كشف له الهرم علي الجانب الذي يهمه من أسرار المعرفة.

وقد حاول علماء التنجيم والغيبيات ,تفسير ما أجمعت عليه كثير من البرديات المصرية القديمة ,ومتون الاهرام ومخطوطات المؤرخين القدماء, بأن الهرم ملئ بأسرار المعرفة والوجود التي ترسم مساره من أول الزمان الي آخره , واحتفظوا بين جدرانه بخفايا المعرفة والوجود التي ترسم مسار الحياة البشرية ومصيرها.

ويقول المهندس بلجيكي مهتم بالآثار المصرية : ان بناء الهرم الاكبر هو معجزة هندسية تختزن اسرار المعارف القديمة ولايمكن ان تتكرر , حتي في عصر التقدم التكنولوجي الحديث.
 
وقد جمع المؤرخون والباحثون علي أن واجهات الهرم الاكبر, كانت مكسوة بطبقة من الحجر الاملس المصقول ,يبلغ سمكها ذراعا هرميا وحددوا عدد أحجارها 2,5,مليون كتلة حجرية تقريبا ,وكانت الواجهات مصبوغة باللون الاحمر وتمتلئ بالنقوش والخطوط البيانية باللونين الاسود والابيض .وويصف المؤرخ اليهودي يوسيفوس عندما زار الهرم :أن واجهاته كانت مطلية باللون الاحمر وتغطيها نقوش ورموز وخطوط بيانية , جعلت من الهرم شبه مزولة كونية ضخمة, كان المصريون يسترشدون بها كتقويم ,يحدد لهم مواعيد الفيضان ومواسم الزراعة والري والحصاد لمختلف المحاصيل , وتاريخ أعيادهم الدينية والشعبية ويعرفون منها الشهور والايام والساعات تبعا لسقوط الشمس وظلالها علي واجهات الهرم .

وقد ذكر :سنشيللو" المؤرخ أن النقوش التي كانت تغطي واجهات الهرم الاكير ,كانت عبارة عن جداول فلكية رمز بها كهنة  الي اسرار القبة السماوية , وكانوا يستخدمونها في التنجيم والتنبؤ بالمستقبل بدراسة أوضاع الكواكب ودوراتها بالنسبة للخطوط البيانية وسقوط اشعة الشمس علي أسطح الهرم اثناء انتقالها بين مختلف أبراجها . وهي من أسرار المعرفة الكونية التي كان يتوارثها ويحتفظ بأسرارها المقدسة كهنة معبد الشمس وكانت تقام لها طقوس معينة استمرت حتي اواخر الدولة الحديثة .

وذكر المؤرخ الرحالة "بالدنسل "الذي زار مصر في القرن الرابع عشر انه شاهد بعض احجار كسوة الهرم التي اسقطها الزلزال الكبير عام 1303م وكانت لاتزال احجار الكسوة التي تساقطت بعد قيامهم بنحتها وتقطيعها واستخدموها في بناء القاهرة وجوامعها ,التي تصدع معظمها بفعل الزلزال .
ولاشك في ان اختفاء تلك الكسوة بما كان عليها من نقوش ورموز, كان العامل الاول الذي حول الهرم الاكبر الي لغز محير, ترك العلماء والمؤرخين يتخبطون بالاجتهاد, الي حل اللغز كل في تخصصه وبما امكنهم استخلاصه عما كانت تعبر عنه تلك النقوش والرموز ممن شاهدوها وهي قائمة فوصفوها ولم يتمكنوا من قراءتها او فك رموز طلاسمها .

كما وصف نقوش واجهات الهرم من مؤرخي العرب " عبد اللطيف البغدادي" بقوله ان واجهات الهرم كانت مكسوة بحجارة ملساء عليها نقوش وطلاسم لم أجد في مصر من يعرف منها شيئا .. وهي كتابات كثيرة تملأ عشرات الالوف من صفحات الكتب لمن يريد نقلها . كما ذكر أن "قراقوش "هو الذي أزال حجر الكسوة لاستعماله في بناء قلعة صلاح الدين وأسوارها .

قال المسعودي في مروج الذهب: "الأهرام طولها عظيم، وبنيانها عجيب، عليها أنواع من الكتابات بأقلام الأمم السالفة، والممالك الداثرة، لا يحرى ما تلك الكتابة ولا ما المراد بها"والغالب في كتب التراث العربي والشعر تسمية الأهرامات بالهرمين.
 
و يقول المقدسي: في كتابه "أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم"وفيه عجائب منها الهرمان اللذان هما أحد عجائب الدنيا من حجارة شبه عماريتين ارتفاع كل واحدة 400 ذراع بذراع الملك في عرض مثلها قد ملئت بكتابة يونانية".

وفي قصيدة المتنبي التي مطلعها:الحزن يقلق والتجمل يردع والدمع بينهما عصي طيع

يقول ضمنها: أين الذي الهرمان من بنيانه ما قومه، ما يومه، ما المصرع

وقال الرحالة ابن جبير في رحلته الشهيرة نص مهم عن الأهرامات وأبي الهول، الذي يذكر أن اسمه أبوالأهوال، يقول ابن جبير: "وبمقربة من هذه القنطرة المحدثة الأهرام القديمة، المعجزة البناء، الغريبة المنظر، المربعة الشكل، كأنها القباب المضروبة قد قامت في جو السماء، ولا سيما الاثنان منها، فإنهما يغص الجو بهما سموا، في سعة الواحد منها من أحد أركانه الركن الثاني 300 خطوة و66 خطوة. قد أقيمت من الصخور العظام المنحوتة. وركبت تركيبا هائلا بديع الإلصاق دون أن يتخللها ما يعين على إلصاقها، محددة الأطراف في رأي العين، وربما أمكن الصعود إليها على خطر ومشقة فتلفى أطرافها المحددة كأوسع ما يكون من الرحاب، لو رام أهل الأرض نقض بنائها لأعجزهم ذلك. للناس في أمرها اختلاف: فمنهم من يجعلها قبورا لعاد وبنيه، ومنهم من يزعم غير ذلك. وبالجملة فلا يعلم شأنها إلا الله- عز وجل. ولأحد الكبيرين منها باب يصعد إليه على نحو القامة من الأرض أو أزيد ويدخل منه بيت كبير سعته نحو 50 شبرا وطوله نحو ذلك. وفي جوف ذلك البيت رخامة طويلة مجوفة شبه التي تسميها العامة البيلة يقال إنها قبر والله أعلم بحقيقة ذلك. ودون الكبير هرم سعته من الركن الواحد إلى الركن الثاني 140 خطوة. ودون هذا الصغير خمسة صغار وثلاثة متصلة والاثنان على مقربة منها متصلان. وعلى مقربة من هذه الأهرام بمقدار غلوة صورة غريبة من حجر قد قامت كالصومعة على صفة آدمي هائل المنظر، وجهة الأهرام وظهره القبلة مهبط النيل، تعرف بأبي الأهوال".

 وقال ياقوت الحموي في "معجم البلدان"  وقد رأيت الهرمين وقلت لمن كان في صحبتي غير مرة أن الذي يتصور في ذهني أنه لو اجتمع كل من بأرض مصر من أولها إلى آخرها على سعتها وكثرة أهلها وصمدوا بأنفسهم عشر سنين مجتهدين لما أمكنهم أن يعملوا مثل الهرمين وما سمعت بشيء تعظم عمارته فجئته إلا ورأيته دون صفته إلا الهرمين فإن رؤيتهما أعظم من صفتهما. قال ابن زولاق ولم يمر الطوفان على شيء إلا وأهلكه وقد مر عليهما لأن "هرمسى" وهو إدريس قبل نوح وقبل الطوفان، وأما الهرم الذي بير هرميس فإنه قبر قرباس وكان فارس مصر وكان يعد بألف فارس فإذا لقيهم وحده لم يقوموا له وانهزموا وإنه مات فجزع عليه الملك والرعية ودفنوه بدير هرميس وبنوا عليه الهرم مدرجا، وبقي طينه الذي بني به مع الحجارة من الفيوم وهذا معروف إذا نظر إلى طينه لم يعرف له معدن إلا بالفيوم وليس بمنف ووسيم له شبة من الطين،  ولذلك يقول بعضهم:
حسرت عقول ذوي النهى الأهرام واستصغرت لعظيمها الأحلام ملس منبقة البناء شواهق
قصرت لغالٍ دونهن سهام لم أدر حين كبا التفكر دونها واستوهمت بعجيبها الأوهام أقبور أملاك الأعاجم هن أم طل رمل كن أم أعلام

وقال ابن عفير لم تزل مشايخ مصر يقولون إن الأهرام بناها شداد بن عاد وهو الذي بنى المغار وجند الأجناد والمغار والأجناد هي الدفائن وكانوا يقولون بالرجعة فكان إذا مات أحدهم دفنوا معه ماله كائنا ما كان وإن كان صانعا دفنت معه آلته وذكر أن الصابئة تحجها ومن عجائب مصر الهرمان، إذ ليس على وجه الأرض بناء باليد حجر على حجر أطول منهما وإذا رأيتهما ظننت أنهما جبلان موضعان، ولذلك قيل ليس من شيء إلا وأنا أرحمه من الدهر إلا الهرمين فإني أرحم الدهر منهما، وعلى ركن أحدهما صنم كبير يقال إنه بلهيت ويقال إنه طلسم للرمل، لئلا يغلب على كورة الجيزة وإن الذي طلسمه بلهيت وسبب تطلمسه أن الرمال غربية وشمالية كثيرة متكاثفة فإذا انتهت إليه لا تتعداه وهو صورة رأس آدمي ورقبته ورأسا كتفه كالأسد وهو عظيم جدا حدثني من رأى نسرا عشش في أذنه وهو صورة مليحة كأن الصانع فرغ منه عن قرب وهو مصبوغ بحمرة موجودة إلى الآن مع تطاول المدة وتقدم الأعوام. 

وقال أبو الصلت وأي شيء أعجب وأغرب بعد مقدورات الله- عز وجل- ومصنوعاته من القدرة على بناء جسم من أعظم الحجارة مربع القاعدة مخروط الشكل ارتفاع عموده 300 ذراع ونحو 17 ذراعا تحيط به أربعة سطوح مثلثات متساويات الأضلاع طول كل ضلع منها 400 ذراع و60 ذراعا وهو مع هذا العظم من إحكام الصنعة وإتقان الهندام وحسن التقدير بحيث لم يتأثر إلى هلم جرا بتضاعف الرياح وهطل السحاب وزعزة الزلازل وهذه صفة كل واحد من الهرمين المحاذيين للفسطاط من الجانب الغربي على ما شاهدناه منهما. قال واتفق إن خرجنا يوما فلما طفنا بهما وكثر تعجبنا منهما تعاطينا القول فيهما فقال بعضنا يعني نفسه بعيشك هل أبصرت أحسن منظرا على طول ما أبصرت من هرمي مصر
أطافا بأعنان السما وأشرفا على الجو إشراف السماك أو النسر وقد وافيا نشزا من الأرض عاليا
كأنهم ثديان قاما على صدر

قال وزعم قوم أن الأهرام الموجودة بمصر قبور الملوك العظام أثروا أن يتميزوا بها عن سائر الملوك بعد مماتهم كما تميزوا عنهم في حياتهم وتوخوا أن يبقى ذكرهم بسببها على تطاول الدهور وتراخي العصور، ولما وصل المأمون إلى مصر أمر بنقبهما فنقب أحد الهرمين المحاذيين للفسطاط بعد جهد شديد وعناء طويل فوجد في داخله "مهاو" و"مراق" يهول أمرها ويعسر السلوك فيها ووجد في أعلاها بيتا مكعبا طول كل ضلع من أضلاعه ثماني أذرع وفي وسطه حوض رخام مطبق فلما كشف غطاؤه لم يجدوا فيه غير رمة بالية قد أتت عليها العصور الخالية فأمر المأمون بالكف عن نقب ما سواه، وفي سفح أحد الهرمين صورة آدمي في عظيم مصبغة وقد غطى الرمل أكثرها وهي عجيبة غريبة

في النهاية ، يعد الهرم الأكبر مصدرًا للأساطير والخرافات التي تحكي أسرارًا غامضة وقوى خارقة ، مما يجعل هذا المعلم الأثري يستحق الزيارة والتعرف على أسراره المثيرة.

تعد الأهرامات واسرارها الغامضة تشكل جزءًا لا يتجزأ من التاريخ المصري، وستظل هذه المعالم الأثرية محط إعجاب وتقدير الناس في جميع أنحاء العالم.