فى البداية نريد أن نعرف ما هو سد النهضة وأين يقع ؟
سد النهضة الأثيوبي الكبير المعروف سابقاً باسم سد الألفية هو سد على النيل الأزرق في إثيوبيا تحت الإنشاء منذ 2011. يقع السد في منطقة بنيشنقول-قماز الإثيوبية على بعد 15 كم (9 أميال) شرقاً من الحدود الإثيوبية السودانية.
الغرض الأساسي من إنشاء السد هو توليد الكهرباء لتعويض النقص الحاد في الطاقة في إثيوبيا، ولتصدير الكهرباء إلى البلدان المجاورة. ومن المتوقع أن يكون السد أكبر محطة للطاقة الكهرومائية في أفريقيا وسابع أكبر محطة في العالم بسعة مخططة تبلغ 6.45 جيجاواط.
بدأ ملء الخزان في يوليو ومن المتوقع أن يستغرق اكتمال الخزان ما بين 5 إلى 15 عاماً وذلك اعتماداً على الظروف الهيدرولوجية خلال فترة الملء، والاتفاقيات بين مصر وإثيوبيا والسودان.
ثانياً// تأثير سد النهضة على الزراعة:
وفيما يخص القطاع الزراعي والذي يمثل عصب الاقتصاد المصري حيث تساهم في الناتج المحلي الإجمالي بنحو 15% وفي الصادرات بنحو 20%، ويبلغ عدد المشتغلين بها 30% من إجمالي قوة العمل المصرية، ويعيش في الريف نحو 60% من السكان، يستورد المجتمع المصري منتجات زراعية لتغطية حاجة السكان من الغذاء بنحو 90 مليار جنيه سنوياً حيث تبلغ نسب الاكتفاء الذاتي من القمح 55% والذرة 56% والفول 27% والزيوت 10% واللحوم 74% هذا وسوف يؤدي ملء بحيرة سد النهضة إلى انخفاض كميات المياه الواردة إلى مصر وبالتالي خفض حصة الزراعة من المياه مما سيؤثر على النشاط الزراعي تأثيرا كبيراً.
وتشير الدراسات إلى انخفاض الإنتاج الكلي من القمح من نحو 9.6 مليون طن إلى 6.7 مليون طن سنوياً، أي أن انخفاض إنتاج القمح سيصل إلى 2.9 مليون طن سنوياً خلال فترة الملء وأيضاً انخفاض الإنتاج الكلي للذرة الشامية من نحو 7.6 مليون طن إلى 5.3 مليون طن سنوياً أي أن انخفاض إنتاج الذرة الشامية سيبلغ نحو 2.3 مليون طن سنويا. وانخفاض الإنتاج الكلي للأرز من نحو 5.5 مليون طن إلى 3.8 مليون طن سنوياً بانخفاض يصل إلى نحو 1.7 مليون طن سنوياً وهكذا لبعض المحاصيل الحقلية الأخرى.
وأن قيمة الخسائر في مجمل المحاصيل الحقلية ستصل إلى نحو 28 مليار جنيه سنوياً خلال فترة الملء، وستصل قيمة الخسائر في المحاصيل المعمرة إلى نحو 3.6 مليار جنيه سنوياً، وفي محاصيل الخضر ستصل الخسائر إلى نحو 6.1 مليار جنيه سنوياً، وفي محاصيل الفاكهة ستصل الخسائر إلى نحو 6.1 مليار جنيه سنوياً، وبالتالي فإن إجمالي خسائر الإنتاج النباتي ستصل إلى نحو 43.8 مليار جنيه سنوياً خلال فترة الملء.
اقرأ أيضاً/كيف أصبحت الصين قوة عظمى ومعجزة اقتصادية؟
ثالثاً// تأثير سد النهضة على القطاع الحيواني والثروة السمكية:-
وتقدر خسائر الإنتاج الحيواني والسمكي بنحو 9.8 مليار جنيه سنوياً، كما تقدر خسائر التجارة الخارجية نتيجة زيادة الواردات ونقص الصادرات بنحو 97.8 مليار جنيه سنوياً، وبهذا يبلغ إجمالي الخسائر المصرية المباشرة في الزراعة فقط نحو 151 مليار جنيه سنوياً خلال فترة الملء.
وإضافة إلى هذه الخسائر السنوية المباشرة، فإن الآثار المرتبطة بتدهور نوعية المياه والآثار البيئية الناتجة عن تملح وتصحر الأراضي وخسائر الصناعات المرتبطة بالإنتاج الزراعي تقدر قيمتها بنحو 80 مليار جنيه سنوياً، فضلاً عن المشاكل التي ستنشأ عن البطالة التي تترتب على النقص في تلك الأنشطة والتي في مجملها قد ترفع الخسائر إلى أضعاف تلك المقدرة.
رابعاً// ما هي طبيعة الخلاف بين مصر وإثيوبيا بشأن سد النهضة؟:-
تصف مصر السد بالتهديد لأنها تعاني من ندرة مائية وذلك وفقاً لتصنيف البنك الدولي وتعتمد بشكل أساسي على مياه نهر النيل في تلبية 95 % من احتياجاتها المائية، إذ تحصل سنويا على حصة من مياه النيل تقدر بـ 55 ونصف مليار متر مكعب.
وتخاف مصر من أن عملية ملء السد قد تؤثر على حصتها من المياه، ففي السنوات التي يكون فيها معدل الأمطار عادياً أو فوق المتوسط لا يتوقع أن تكون هناك مشكلة، ولكن القلق بشأن ما قد يحدث خلال فترات الجفاف التي قد تستمر لسنوات.
من ناحية أخرى إثيوبيا تقول إن السد ضرورة وجودية، فإذا جرى تشغيله بكامل طاقته، سيكون المحطة الأكبر في أفريقيا لتوليد الكهرباء. وسيوفر الكهرباء لـ 65 مليون إثيوبي. وبالتالي فهو ضروري لنمو البلاد اقتصادياً ولتوفير الطاقة.
اقرأ أيضاً/ كيف أثرت التكنولوجيا على حياتنا؟ وهل كان ذلك التأثير بالإيجاب أم بالسلب؟
ودعنا نسأل أنفسنا كيف تبدو موازين القوى بين مصر والسودان وإثيوبيا؟.... وإلى ماذا تستند كل من مصر والسودان في مواجهة إثيوبيا؟
نجد أن موازين القوى تتمثل في القدرات البشرية التي تكون في صالح إثيوبيا لأنها أكثر سكاناً إذ تحتل المرتبة الثانية من حيث عدد السكان بأفريقيا تليها مصر في المرتبة الثالثة.
ومن الناحية الاقتصادية يبلغ إجمالي الناتج المحلي المصري 302 مليار دولار مقابل 91.66 مليار دولار لإثيوبيا، حسب تقديرات صندوق النقد الدولي لعام 2019، أي إن الناتج المحلي المصري 3 أضعاف الإثيوبي.
وتصنف التقديرات أن الجيش المصري كجيش قوي بالشرق الأوسط ولكن نجد أن القيادة المصرية تلتزم بالتوصل لحل عبر المفاوضات.
ورغم التفوق العسكري المصري إلا أن استخدام القوة مستبعد في ظل تعقد الأوضاع الإقليمية والدولية في ليبيا وغزة وسيناء، وتم الاتفاق على استبعاد الخيار العسكري، في ظل التحصينات الأمنية بمنطقة السد، وارتباط أديس أبابا باتفاقات أمنية مع إسرائيل وتركيا كما أن إثيوبيا تشارك في المفاوضات، الأمر الذي قد يظهر مصر في صورة الدولة المعتدية إذا أقدمت على عمل عسكري.
وإلى ماذا تستند كل من مصر والسودان في موقفهما التفاوضي؟
تستند البلدان إلى اتفاقيتي 1929 و1959 إذ أقرت الحكومة البريطانية في اتفاقية 1929 بـ "حق مصر الطبيعي والتاريخي في مياه النيل". وتمنح هذه المعاهدة مصر حق النقض (الفيتو) على أي مشروع يقام على مجرى النيل.
ثم في عام 1959، أبرمت مصر والسودان اتفاقاً حول تقاسم موارد النيل، على أن تأخذ مصر النصيب الأكبر، دون إشارة إلى أي من دول حوض النيل التسع، بما فيها إثيوبيا.
في حين ترفض إثيوبيا الاعتراف بهذه الاتفاقيات، باعتبار أنها أبرمت دون تدخلها. وبحسب مسؤولين إثيوبيين "السماح بمرور كمية محددة من المياه يعد تأكيدا لامتياز منحه الاستعمار لمصر، وهو ما سيبدو كما لو كان نوعا جديداً من الاستعمار".
اقرأ أيضاً/تعرف على أسعار الدولار الأمريكي اليوم مقابل الجنيه المصري بالبنوك المصرية