12:00 | 12 مايو 2017
رئيس مجلس الإدارة
الإشراف العام
محمد عشماوي
رئيس التحرير
منى الطراوي

أصبحت أراك حتى في داخلي

2021/06/10 10:09 AM | المشاهدات: 623


أصبحت أراك حتى في داخلي
سندس طارق

الساعة الثالثة بعد منتصف الليل أجلس في مكاني المفضل أمام البحر أنظر إليه وأبتسم وكأنه يشاركني ضجيجه المعتاد ، كطفل يحاول جذب اهتمام أمه بصياحه الدائم ..سكون يعم المكان تماما في ذلك الوقت، إلا البحر الذي أراد أن يتميز بأصوات أمواجه المتلاحقة ...لطالما أحببت ذلك المنظر؛ لأنه يشبهني تماما ،فبرغم كل الأفكار والضجيج والأصوات المتلاحقة والأمواج بداخلي إلا إني أظهر من الخارج بنفس الهدوء التام الذي يوحيه هذا المنظر من بعيد ..أكف عن تأمل البحر والسكون حوله وأتطرق إلى كتاب بيدي لتقع عيني علي أولي كلماته "أصبحت أراك في داخلي "بقدر لطف تلك الجملة بقدر ما سمحت لذكريات عانت السنوات أن تخفيها لتظهر ثانية، وكأن أفكاري قد شنت أسلحة ضدي وأصبح ضجيجها يتنافس مع ضجيج البحر حتي تفوقت عليه ..وأصبحت لا أسمع الا مجرد كلمات من ذكريات جاهدت لأنساها ،انقلبت صفحات الكتاب أمامي وتحولت لصور كثيرة كنت أظنني تخلصت منها ،ولكنها قد اتفقت أن تتجمع وتعلن عن نفسها أمامي لتظهر كشبح أسود من آثار الغمام حوله قادم من البحر ،نظرت له فوجدته يشبهه تماما، حتي خيل الي أني أحدثه بكل ما لم أستطع قوله ،بكلمات حاولت أن أجمعها وأنا أقول :
-لماذا كل هذا الألم الذي أصبح يحاوطني  ؟!
حتي أنني صرخت بوجهه وأنا أعاتبه بأنه لماذا لم يأخذه كما غادر ، لماذا يرحل هو فقط ،كيف لجملة صغيرة أن تظهر ما خلفها من كل تلك الذكريات ؟هل يجب ان أسمح لها بأن تدخل حياتي ثانية ،أم أهرب كعادتي ،خيل لي أنه يبتسم وأنا أصمت قليلا و أفكر بأني يجب أن أحتفظ بها ؛ فهي جزء مني رغم كل شىء ،ثم وجدتني في النهاية أبتسم وأنا أقول "عجيب أمر ذلك الموت يظن من يسمع عنه أنه مخيف ،مؤلم وقاسي ،ولكن للإنصاف فهو حكيم أيضا ..يعرف كيف يختار ..لو كنت موتا لاخترتك "انتهيت فوجدت دمعة قد خرجت من عيني وأنا أبتسم لتكمل مسارها مع أمواج البحر التي أصبحت تتسلل إلي قدمي، ووجدت الشبح وكأنه اختفي وعم السكون من جديد .

اقرأ أيضا احلام مبعثرة

 

اقرأ أيضا انا لما شوفتك

 

اقرأ أيضا مالك يا ليل