كما اتضح من قبل أن المصريين القدماء اعتقدوا أن الآلهة تحركها غرائزها و تكبر و تموت مثلها مثل البشر، و لكن بعد ذلك اعتقدوا أن أجسادهم فقط هي التي تموت، و أن أرواح الآلهة كانت تذهب إلي مكان يدعي ب "التوات" ، أي العالم السفلي ، و كلمة توات في الأغلب ليس معناها عالم أسفل عالمنا او شئ من هذا القبيل، لكن اتضح أنه تم استخدام تلك الكلمة منذ العصور الأولي دون فهم معناها بالظبط ، و هناك رواية أخري أن معناها "الجحيم".
و في العصور اللاحقة كانت كلمة توات دلالة علي مكانا لعقاب الأشرار و لكن هو من الثابت أنه المكان الذي تمر منه الشمس عند غروبها في كل مساء فر رحلتها إلي الجزء الذي تشرق فيه من السماء مجددة كل صباح.
و في نصوص الأسرة التاسعة عشرة، علمنا أن التوات لا تقع أسفل أرضنا و لكن بعيدا جدا خلف الأرض -ربما في السماء- و من المؤكد أنه في مكان بالقرب من الجنة حيث تسكن الآلهة.
و في التوات نجد اوزوريس يحاكم الموتي، و له كامل السلطة علي آلهة الموت و الموتي أنفسهم.
إقرأ أيضًا/لوحات حسي رع
و التوات يفصله عن عالمنا سلسلة من الجبال، فهي تتكون من وادٍ عظيم الاتساع مغلق بإحكام من كل جانب بالجبال التي تفصله عن الأرض من اتجاه، و عن السماء من اتجاه آخر.
و قد وجد علي تابوت حجري يرجع للملك سيتي الاول ؤ رسم يمثل عملية الخلق، و يمثل التوات يرتبط بتجسيد اوزوريس المنحني علي هيئة طوق بطريقة تجعل أصابع قدميه تلامس خلفية رأسه، تقف عليه الربة نيت "والدة الإله رع" تسند بكلا من كفيها قرص الشمس "رع" و من هنا يمكن استخلاص شيئين: اوزوريس هو تجسيد للتوات، و أن التوات هو وادي مستدير ضيق يبدأ من حيث تغرب الشمس و ينتهي في المكان الذي تشرق منه.
و يمكننا بسهولة استنتاج أن كتّاب مدينة طيبة الذين بذلوا جهدا في وصف التوات و رسموا الكائنات التي تعيش فيه، أنهم قد جمعوا قدرا هائلا من ال الروايات القديمة و الأساطير بهدف أن يجعلوها جميعا جزءا من نظامهم الخاص بإله طيبة "آمون رع" ، و نحن نعلم أيضا ان كهنة هليوبوليس نجحوا في الهيمنة و نشر نظامهم اللاهوتي في طول مصر و عرضها، كما قاموا بإقناع المدن الكبري بتفوق إلههم ، و هكذا وجدنا الكتبة و الناسخين في طيبة الذين كانوا يعلمون أن لكل نوم "إقليم" مثلما كان له إلها خاص، فكان له أيضا عالمها السفلي الخاص، و قد تم تكوين التوات الطيبي " الخاص بمدينة طيبة" من مجموع هذه العوالم السفلية المتجمعة لديهم، و باسمائهم المختلفة، و آلهتها ذات الاهمية المحلية المحدودة.
إقرأ أيضًا/الهرم الجنوبي (المنحني)
أكثر تلك العوالم انشتارا كان "امنتيت" و الذي يعني المكان المختفي و الذي كان غالبا مكان إله مدينة ابيدوس، حاكم عالم الموتي "ان - خر" ، و الذي كان لقبه "خيناي انتيت أي" بمعني " الشي هو رئيس الارض غير المرئية" و لكن اهمية "ان - حر " اختفت بظهور الإله اوزوريس.
و الكهنة طابقوا بين رحلة الشمس اليومية و دورة حياة البشر، فغروب الشمس كان يعني عندهم ما يعنيه الموت للانسان ، و بالتالي فشروقها المجدد كل صباح في جسد جديد، اي البعث.
و بهذا حفز الكهنة الراغبين في حياة ثانية لأن يصيغوا نظاما لاهوتيا يسمح فيه لارواح البشر البريئة عن طريق أداء مجموعة من الشعائر الخاصة ، أن يصاحبوا اله الشمس في قاربه و يمروا من خلال أجزاء سبق وصفها لهم من التوات، الذي يحكمه اوزوريس.
هذه الصورة كانت منتشرة و لها شعبية واسعة خصوصا عندما يصبح بطلاها "رع" و "اوزوريس"، اللذان يقوم كل منهما بدوره بطريقته الخاصة ليوفر السعادة و الحياة الابدية لأرواح الموتي.
كما أن الكهنة أيضا وصفوا الكائنات المتوحشة التي تسكن التوات و التي سوف تعترض رحلتهم في الوصول إلي قارب رع إذا كانت أرواحهم شريرة.
إقرأ أيضًا/فضيحة حتشبسوت الجزء الثاني