12:00 | 12 مايو 2017
رئيس مجلس الإدارة
الإشراف العام
محمد عشماوي
رئيس التحرير
منى الطراوي

ابني يكرهني 

2021/03/03 06:08 PM | المشاهدات: 1553


ابني يكرهني 
عبير عبد اللطيف

 

 

الكراهية كلمة بغيضة و منفرة فكيف بكره الأبناء للوالدين،ان يكرهك أقرب الناس إليك قد نجد هذا منفر و شاذ على الأذن من ذا الذي قد يكره والديه لكن وللأسف الشديد هذه حقيقة في وقتنا الحالي فنجد الكثير من الأبناء يتعاملون مع الوالدين بسلوك ينم عن الحقد و الكراهية بل نجد شخص يصرح أنه يكره أحد والديه بكل حرقة ولوعة بل قد يتمنى الموت لهم .

 

 قد يولد الانسان بالفطرة بحب الوالدين و لكن هذا الحب في تصويري كالرصيد البنكي يزيد بأفعال الوالدين و ينقص بأفعالهما أيضا فكلما أغدقت على أبنائك الحنان و الحب و الأمان كلما زاد رصيدك لديهم و زاد حبك في قلوبهم وعندما تقسوا عليهم و تعاملهم بجفاء قل هذا من رصيدك، فماذا تنتظر من طفل حرم من حنان أحد والديه أو من كليهما ؟؛ ماذا تنتظر من طفل عاش يتيما في وجود الوالدين؟؛ هل انفصال الوالدين يعطي لأحدهما سببًا في قسوته على أبنائه فما ذنب هولاء الأبناء في الانفصال هل هذا كان أختيارهم بل هم أكثر المتضررين، و ما ذنبهم إذا كان اختياركما غلط من البداية؟؛ 

والسؤال هنا هل فكرنا يومًا في سبب ذلك الكره قبل أن نلعن هؤلاء الأبناء هل دخلنا إلى قلوبهم ؟؛

=========

اقرأ أيضا روح تائهة

=====

هناك أسباب كثيرة قد تؤدي إلى كره الأبناء لوالديهم في طفولتهم و أيضا في شبابهم.

 

- كره أحد الوالدين للأبناء نتيجة كرهه للطرف الآخر و هذا ما يستنتجه الأبناء من خلال المعاملة فنجد هذا الأب يترك أبنائه للأم بعد الأنفصال و لا ينفق عليهم و لا يذهب لزيارتهم و لا يقوم بدوره في الرعاية و التربية على الوجه المطلوب و لا يغدق عليهم بحنانه بل يقسوا عليهم إذا رأهم صدفة، و نجد هذه الأم تترك أبنائها لزوجها و لا تسأل عليهم و لا تراهم فلا يرون من حب الأم و حنانها شيء، بل في بعض الأحيان يترك الوالدين الأبناء عند أجدادهم و يمارسون حياتهم الطبيعية في الزواج و الخلفة مرة أخرى و يتركون أولادهم وراء ظهورهم نتيجة الكره بينهما، أنا لا أحرم ما أحله الله و هو الطلاق فمن حق كل شخص أن يبحث عن راحته و لكن ليس معنى الطلاق أن ننسى أولادنا كأنهم لم يأتوا إلي الدنيا من الأساس لك أن تتخيل أحساسهم باليتم و والديهم علي قيد الحياة فبالله عليكم أي حب تنتظرون منهم و أي سند تبحثون عنه في الكبر لن تجدوا غير الكراهية أشخاص تحتاج إلى علاج نفسي من كثرة التشوهات النفسية التي توجد بهم .

 

- التفرقة بين الأولاد في المعاملة و التي تدفع أحد الأبناء للتفكير أن أبويه يكرهونه فقد قال الرسول صل الله عليه وسلم "اتقوا الله وأعدلوا بين أبنائكم" و كررها ثلاث أي أعدلوا في الملبس و تقديم الطعام وكذلك في إظهار الحنان و العاطفة فأول بذور الحقد و الكراهية تنبت من هذه السياسية التربوية و كلنا نعلم قصة "سيدنا يوسف" عندما شك أخواته أن أبائهم يحبه أكثر فماذا فعلوا به ؟

 

- تعنيف و تأنيب الابن امام الأخرين و التحقير من شأنه و وصفه بالغباء بالأستمرار خلال مراحل عمره دون النظر إلي نضوجه و نمو شخصيته فهذا الأسلوب و الذي يراه الأباء تأديب قد يؤدي إلى نتائج سلبية قد تصل إلى الكره و كذلك إيذاء الأبناء جسدياً و كثرة الضرب و العنف قد يؤدي إلى إحداث إعاقة جسدية لأحد الابناء وكذلك إحداث إعاقة قلبية متمثلة في كرههم .

 

- حرص الأب و بخله على أبنائه سواءً كان بخل مادي فيمنع عنهم ما يمكن أن يعطيه بكل بساطة و في نفس الوقت يرى الأبناء أن الأب يمتع نفسه و لا يحرمها من شيء، أو كان بخل عاطفي فلا يظهر لهم رقة و لا حنان في التعامل و لا يصرح لهم بكلمة حب واحدة و قد أنكر النبي صلى الله عليه وسلم على من قال له إن له عشرة من الولد لم يقبل منهم أحدًا و قال له " من لا يَرحم لا يُرحم " و كذلك الأهمال و عدم الأكتراث بالأبناء ومشاكلهم وتعليمهم يؤدي إلى الكره .

 

- انحراف الأب و بعده عن الدين قد يؤدي إلى كره أبناءه له فالابن يرى في الأب القدوة و المثل الأعلى في الصلاح و يصنع له تمثالاً في مخيلته فإذا كان الأب فاسقاً ينكسر هذا التمثال و يقل الحب بل يصل إلى الكره .

 

- فقدان الحوار و المناقشة بين الأباء و الأمهات و الأولاد و إتخاذ قرارات تعسفية يراها الأولاد غير صحيحة دون مناقشة من الأهل في سبب اتخاذ هذه القرارات، وعندما يكون هناك حوار يكون عبارة عن أمر و نهي و نقد من قبل الوالدين و غضب و صوت مرتفع باستمرار من قبل الأبناء، فلا أحد يستمع للآخر و كل طرف يعتقد أنَّه على صواب والطَّرف الآخر على خطأ .

 

- انشغال الأم بعملها و إهمال بيتها؛ أن يراها الأبناء ضيف شرف في البيت ليس أكثر من ذلك و يروا الأب مجرد ممول لهم من الناحية المادية أن يفقد الأم و الأب كلًا منهما دوره لا يروا منهما الحب و الحنان الذي يرونه في غيرهم أو أن يترك الوالدين الأبناء مع أحد الأجداد في بلد و يذهبون لبلد أخر للعمل و جني المال بدعوة تحسين المعيشة عزيزي الأب عزيزتي الأم المال لا يستطيع أن يشتري أب و أم آخرين ليعوضوا احساس أبنائكم باليتم .

 

فقد صدق الشاعر أحمد شوقي حين قال

 ليس اليتيم من انتهى أبواه من هم الحياة و خلَّفاه ذليلاً .... إنَّ اليتيمَ من الذي تلقى له أمًا تخلت، أو أبًا مشغولاً .

=========

اقرأ أيضا اتساع الفجوه بين الآباء والابناء بسبب السوشيال ميديا

=====

أعزائي الأباء و الأمهات الأبوة و الأمومة ليست أمرًا تشريفاً و لا تكليفاً ليكم في الدنيا بل هي هدية من الله عز وجل يجب عليكما مراعتها و شكره عليها فقد قال الرسول صل الله عليه و سلم "كلكم راع وكلكم مسئولين عن راعيته" وقال في حديث آخر "كفى بالمرء إثمًا أن يضيع من يعول" 

 

اعزائي لا تخشوا فقراً وتذهبوا بحثًا عن المال و تنسوا أولادكم و تتركوهم للضياع عندما يحتاجون إليكم لا يجدوا أحداً فقد وعدكم الله سبحانه و تعالى بالرزق فقد قال في كتابه الكريم "لا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقكم و إياهم" .

 

أعلموا أن كل جيل ليس مثل الذي قبله فالحياة تتغير فابنائكم يختلفون عنكم فهم صفحات بيضاء أنتم من تكتبونها فأكتبوا ما تريدون أن تجدوه في النهاية إذا لم تستطيعوا أن تحبوا أولادكم بالقدر الكافي فلا يوجد هناك داعي لكي تأتوا بهم إلي الحياة لماذا يأتوا للعذاب و زرع المشاعر السلبية بهم لن تخسروا شيئًا إذا صرحتم ابنائكم بحبكم لهم بل علي العكس سوف تكسبون الكثير، فلن تكفي مقولة (لا أحداً يكره أبنائه) عليكم أن تقولها صريحة انا أحبكم فأنتم زرعي و نبتتي في الحياة، لا تصدق مقولة أن الابن عندما يكبر سوف يفهم لماذا فعلت ذلك فعندما يكبر يكون قد فات الأوان و العقدة ترسخت به و الكره من الصعب تغيره بعد سنوات من الحرمان و القهر فالحب إحساس إن لم يكن متبادل فهو عذاب يا صديقي، الأبناء نبتة صغيرة تضع بذرتها بيدك أرعها و أرويها بصبر و حنان و حب أن مالت قومها برفق حتى تحصد ألذ الحصاد عندما تكبر . 

=========

اقرأ أيضا غريب في وطني

=====

و أخيراً أعزائي الأبناء هناك أشياء يمكن أن لا تستوعبها عقولكم وقت حدوثها فلا تتركوا قلوبكم للكره يأكله كما تأكل النار العشب و تحوله إلى سواد و لكن إذا حدث ذلك غصبًا فالقلوب بيد الله و ليس لأحد أن يتحكم بها ولكن تذكروا دائما أن الله سبحانه و تعالى أمر بحسن معاملة الوالدين بغض النظر عن مشاعركم اتجاههم . 

 

 وفي النهاية ليس هناك أجمل من كلام الله عز وجل أنهي بيه مقالي هذا قال الله سبحانه و تعالى "وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه و بالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أفٍ و لا تنهرهما و قل لهما قولاً كريماً و أخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا"