12:00 | 12 مايو 2017
رئيس مجلس الإدارة
الإشراف العام
محمد عشماوي
رئيس التحرير
منى الطراوي

خلق الشكر

2021/03/01 12:51 PM | المشاهدات: 902


خلق الشكر
وليد سيد حسن

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله ﷺ
فإن شكر الله على نعمه واجب ولكن ما أكثر النعم وما أقل الشاكرين قال تعالى: { ۚ وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} [سبأ: 13]
وهذا هو حال الإنسان قال تعالى: {إِنَّ الْإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ} [العاديات: 6]
قال الحسن البصري يعدد المصائب وينسى النعم
فالشكر هو تصور النعم والاعتراف بها وإظهارها والاستعانة بها على طاعة الله قال تعالى: {اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا ۚ وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} [سبأ: 13]

والشكور هو الذي يجازي بيسير الطاعات كثير الدرجات ويعطي بالعمل فى أيام معدودة نعيما فى الآخرة ليس محدود.

اقرأ أيضاالقرب من الله
===============

الشكر خلق من أخلاق الربوبية:
فالشكر خلق من أخلاق الله سبحانه، فينبغي للمسلم أن يتخلق بأخلاق الله بقدر طاقته البشرية، قال تعالى: ﴿ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيم ﴾ [التغابن:17]، ﴿ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا ﴾ [النساء: 147]، فهو شاكر للمحسنين عليم بأعمالهم، وقال سبحانه: ﴿ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ ﴾ [فاطر:34]، ﴿ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ ﴾ [فاطر:30]، جمع في الآيتين، بين المغفرة والشكر؛ حيث يشكر الحسن ولا ينظر لما حصل فيه من الزلل بل يغفره.].
ولقد قرن الله شكره بذكره فقال تعالى {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ} [سورةالبقرة:152]، فجعل ذكره وشكره هما الوسيلة والعون على الوصول إلى رضاه.

وقسم الناس إلى شكور وكفور، وأبغض الأشياء إليه سبحانه أهل الكفر، وأحب الأشياء إليه سبحانه الشكر وأهله، قال الله تعالى عن الإنسان: {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّاكَفُوراً} [سورة الإنسان:3]
وأول وصية وصى الله بها الإنسان، قال: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِير} [سورة لقمان: 14].
ولذلك لما جاء لقمان يوصي ابنه قال له: {وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيد} [سورة لقمان12)
ثواب الشاكرين عند الله:

 أما جزاء الشكر فقد أطلقه إطلاقاًفقال تعالى: {وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ} [سورة آل عمران:145]، وقال: {وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِين} [سورة آل عمران:144].

إن اﻻمر بالشكر ليس تكليف مشقه يصبر الناس على أدائه بل هو طريق كمال ينبغى أن يسير الناس فيه بهمة وعزم قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} [البقرة : 172]

اقرأ أيضا كراهية كثرة الطعام

===================

كيفية الشكر:-
1-أن يحمد العبد ربه على نعمه بلسانه ويشكره.
2-أن يعتقد أن هذه النعم آتية اليه من الله كرما ومنة وإحسانا
3-أن يطيع الله فيها وﻻ يستعين بها على معاصيه
4-أن يعرف فضل الله وكرمه فيستحيي أن يعصيه

ثمرات الشكر:-
1-حفظ النعم من الزوال قال تعالى: {ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَىٰ قَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ ۙ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (53)} [الانفال:53]

قال الحسن البصرى: (إن الله لينعم بالنعمة ما شاء فإذا لم يشكر عليها قلبها ولهذا كانوا يسمون الشكر الحافظ؛ لأنه يحفظ النعم الموجودة والجالب لأنه يجلب النعم المفقودة
قال عمر بن عبد العزيز "قيدوا نعم الله بشكر الله"
وقال الفضيل بن عياض"عليكم بملازمة الشكر على النعم فقل نعمة زالت عن قوم فعادت إليهم"
2-زيادة النعم وذلك وعد من الله عزوجل قال تعالى( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ )ابراهيم7
قال الإمام علي إن النعمة موصولة بالشكر والشكر معلق بالمزيد وهما مقرونان فى قرن فلن ينقطع المزيد من الله حتى ينقطع الشكر من العبد
3-النجاة من عذاب الله قال تعالى فى قصة لوط( كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ (33) إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا إِلَّا آلَ لُوطٍ ۖ نَّجَّيْنَاهُم بِسَحَرٍ (34) نِّعْمَةً مِّنْ عِندِنَا ۚ كَذَٰلِكَ نَجْزِي مَن شَكَرَ (35)القمر
4-دليل على الإيمان، فعن عامر أنه قال: (الشكر نصف الإيمان والصبر نصف الإيمان واليقين الإيمان كله)
قال ان القيم "قرن الله سبحانه الشكر بالإيمان وأخبر أنه ﻻ غرض له فى عذاب خلقه إن شكروا وأمنوا فقال تعالى ( مَّا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ ۚ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا )النساء147

فما دام الإنسان آمن بربه وشكر له نعمه فما يفعل الله بعذابه.

5-نيل رضا الله عن العبد فعن أنس قال النبى ﷺ (إن الله ليرضى عن العبدأن يأكل الأكلة فيحمده عليها او يشرب الشربة فيحمده عليها)مسلم

اقرأ أيضا ذو القرنين

====================

لقطات من حياة أهل الشكر:-
عرف الأنبياء والصالحين قدر الشكر فظهر في أحوالهم وأقوالهم
1-النبي ﷺ كان سيد الشاكرين  فكان يقوم الليل حتى ترم قدماه فيقال له هون عليك يارسول الله فقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر فيقول (أفلا أكون عبدا شكورا) البخارى ومسلم
وكان ﷺ اذا جائه أمر يسره خر ساجدا شاكرا لربه  ابو داود والالبانى
ومن دعائه ﷺ (اللهم اعنى على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك)
2-نوح ﷺ اثنى عليه ربه فقال ( ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ ۚ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا (3) )الاسراء 3، كان إذا أكل أو ركب قال الحمد لله فسماه عبدا شكورا
3-ابراهيم ﷺ أثنى عليه ربه فقال( شَاكِرًا لِّأَنْعُمِهِ ۚ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ )النحل121
4-داود ﷺ لما امروا بالشكر( اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا ۚ وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ )سبأ13
لم تأتى على أهله ساعة إﻻ ومنهم مصل لله شكرا.

5-سليمان ﷺ كان حاله الشكر قال تعالى ( فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ)النمل19.

6-موسى ﷺ
وأمر الله عزوجل موسى بأن يكون من الشاكرين، فقال: (يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاتِي وَبِكَلامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِين)َ [سورة الأعراف:144].
و عن عبدالله بن سﻻم أن موسى قال: ( يارب ما الشكر الذى ينبغى لك قال يا موسى ﻻيزال لسانك رطبا من ذكرى) إسناده صحيح أخرجه بن المبارك

اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.