12:00 | 12 مايو 2017
رئيس مجلس الإدارة
الإشراف العام
محمد عشماوي
رئيس التحرير
منى الطراوي

ذكرى نصر السادس من أكتوبر المجيد

2024/10/06 05:36 PM | المشاهدات: 64


ذكرى نصر السادس من أكتوبر المجيد
تسنيم أشرف

كانت حرب أكتوبر المجيدة، معركة وملحمة عسكرية قوية نجحت مصر فيها بشكل مبهر أمام العالم أجمع، فهي من أعظم انتصاراتها على مر التاريخ، وتم تحطيم أسطورة إسرائيل بأنها جيش لايقهر، ففي يوليو ١٩٧٢اجتمع الرئيس السادات مع رئيس المخابرات العامة ومدير المخابرات الحربية ومستشار الأمن القومي والقائد العام للقوات المسلحة لوضع خطة خداع استراتيجي تسمح لمصر بالتفوق على التقدم التكنولوجي والتسليحي الإسرائيلي عن طريق إخفاء أي علامات للاستعداد للحرب وحتى لا تقوم إسرائيل بضربة إجهاضية للقوات المصرية في مرحلة الإعداد على الجبهة، واشتملت الخطة على ستة محاور رئيسية تضمنت إجراءات تتعلق بالجبهة الداخلية، إجراءات تتعلق بنقل المعدات للجبهة، إجراءات خداع ميدانية، إجراءات خداع سيادية، تأمين تحركات واستعدادات القوات المسلحة، توفير المعلومات السرية عن القوات الإسرائيلية،حيث شكلت قناة السويس مانعاً مائياً صناعياً صعب العبور، إذ يبلغ عرضها ما بين 180 إلى 200 متر، وأجنابها حادة ومكسوة بالحجارة مما يمنع عبور الدبابات البرمائية، بالإضافة إلى ذلك أنشأ الإسرائيليون سداً ترابياً على الضفة الشرقية أسسوه على التلال الرملية الناتجة من حفر القناة عند شقها، وعلى طول هذا السد شيدوا خطَّ دفاعٍ منيعٍ جداً مؤلفٍ من خمسةٍ وثلاثين حصناً منيعاً من بور فؤاد شمالاً إلى لسان بور توفيق جنوباً أطلقوا عليه «خط بارليف» نسبةً إلى حاييم بارليف رئيس الأركان الإسرائيلي السابق. استندت خطة العبور إلى فتح ثغراتٍ في الساتر الترابي الشرقي لإنشاء رؤوس الجسور وتسهيل عبور المشاة والمعدات والمركبات باستخدام فكرةٍ بسيطةٍ ولكنها فعالةٌ، وهي التجريف بضغط المياه باستخدام المضخات وخُصِّص لكل ثغرةٍ خمس مضخاتٍ يمكنها إزاحة 1500 متر مكعب من الأتربة خلال ساعتين بعدد أفراد من 10 إلى 15 جندي أيضًا للتغلب على نيران النابالم المشتعلة على سطح القناة خُطِّط لسد فتحات أنابيب المواد المشتعلة قبل بدء العبور بمادة قوية سريعة التصلب، مع قصف خزاناتها بالمدفعية أثناء فترة التمهيد المدفعي الذي يسبق الهجوم، وانتخاب نقط عبور فوق اتجاه التيار لتفادي تأثير السائل المحترق. ولتدعيم المشاة العابرة إلى الضفة الشرقية بالذخيرة والمؤن -ريثما يبدأ عملُ الجسور وبجري نقلُ المعداتِ والأسلحةِ الثقيلة- جرى تغيير الشدات الميدانية لجنود المشاة لتسمح بحمل أوزانٍ تصل إلى ثلاثين كيلوجراماً وبحيث تسمحُ للجندي بالتحرك بيسرٍ داخل أرض المعركة. وتم إمدادهم بعربات جر يدوي يمكنها حمل مئةٍ وخمسينَ كيلوجراماً من الذخيرة والمعدات ويمكن جرها بواسطة فردين. كما زُودوا بنظاراتٍ مُعتمةٍ يُمكن ارتداؤها لمواجهة الأضواء المبهرة التي قد تستخدم لإعاقة ضرباتهم. بالإضافة إلى سلالم الحبال المستخدمة في البحرية المصنوعة من درجاتٍ خشبيةٍ وأجنابٍ من الحبال مما يسهل طيه وحمله ويمنع غوص أرجل الجنود وعرباتهم في رمال الساتر الترابي.

 

يوم السادس من أكتوبر

      (الضربة الجوية)

في تمام الساعة 1400 من يوم 6 أكتوبر 1973 نفذت 220 طائرة حربية مصرية ضربة جوية على الأهداف الإسرائيلية شرقي القناة (كان أقصى عمقٍ ممكنٍ للطائرات المصرية خط المضائق في منتصف سيناء، وعليه غطت الضربة الجوية النصف الغربي من سيناء عدا هجوم واحد قصف مطاراً جنوب العريش) عبرت الطائرات على ارتفاعاتٍ منخفضةٍ للغاية (حوالي 30 م) لتفادي الرادارات الإسرائيلية، وقد استهدفت المطارات ومراكز القيادة ومحطات الرادار والإعاقة الإلكترونية وبطاريات الدفاع الجوي وتجمعات الأفراد والمدرعات والدبابات والمدفعية والنقاط الحصينة في خط بارليف ومصافي النفط ومخازن الذخيرة،جاء في تقرير قائد القوى الجوية عقب الهجوم أن الضربة حققت 95 % من أهدافها الموضوعة، وخسرت أحد عشر طياراً شهيداً منهم ستة طيارين في الغارة على مطار الطور قرب شرم الشيخ ويعود ذلك لفقدان عنصر المفاجأة بسبب ملاقاتهم أربع طائراتٍ فانتوم كانت تقوم بدوريةٍ اعتياديةٍ فوق شرم الشيخ فجرت معركة غير متكافئةٍ بسبب التفوق النوعي لطائرة الفانتوم وقتئذٍ.

 

(التمهيد المدفعي) 

بعد عبور الطائرات المصرية بخمس دقائقَ بدأتِ المدفعية المصرية قصف التحصينات والأهداف الإسرائيلية الواقعة شرق القناة بشكلٍ مكثفٍ تحضيراً لعبور المشاة، فيما تسللت عناصر سلاح المهندسين والصاعقة إلى الشاطئ الشرقي للقناة لإغلاق الأنابيب التي تنقل السائل المشتعل إلى سطح المياه. في تمام الساعة 14:20 توقفت المدفعية ذات خط المرور العالي عن قصف النسق الأمامي لخط بارليف ونقلت نيرانها إلى العمق حيث مواقعُ النسق الثاني، وقامت المدفعية ذات خط المرور المسطح بالضرب المباشر على مواقع خط بارليف لتأمين عبور المشاة من نيرانها.

 

(العبور) 

في تمام الساعة 18:30 كان ألفا ضابطٍ وثلاثين ألف جنديٍّ من خمس فرق مشاة قد عبروا القناة، واحتفظوا بخمسة رؤوس جسورٍ واستمر سلاح المهندسين في فتح الثغرات في الساتر الترابي لإتمام مرور الدبابات والمركبات البرية، وذلك فيما عدا لواءٍ برمائيٍّ مكونٍ من عشرين دبابةٍ برمائيةٍ وثمانين مركبةٍ برمائيةٍ عبر البحيرات المرة في قطاع الجيش الثالث وبدأ يتعامل مع القوات الإسرائيلية. في تمام الساعة 20:30 اكتمل بناء أول جسرٍ ثقيلٍ، وفي تمام الساعة 22:30 اكتمل بناء سبع جسورٍ أخرى وبدأت الدبابات والأسلحة الثقيلة تتدفق نحو الشرق مستخدمةً الجسورَ السبعَ وإحدى وثلاثين معدية.

 

(يوم السابع من أكتوبر) 

كانت القواتُ المصرية صبيحةَ يوم الأحد 7 أكتوبر قد أنجزت عبورها لقناة السويس وأصبح لدى القيادة العامة خمس فرق مشاةٍ بكامل أسلحتها على الضفة الشرقية للقناة، بالإضافة إلى ألف دبابةٍ، وتهاوى خط بارليف الدفاعي واستولى الجيش المصري على تحصيناته (عدا حصن لسان بور توفيق جنوب شرق السويس الذي سقط يوم 11 أكتوبر)، وتحطمت أسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر. خلال يوم السابع من أكتوبر واصلتِ القوات المصرية توسيع رؤوس جسور فرق المشاة وسد الثغرات فيما بينها ضمن نطاق كلٍّ من الجيشين الميدانيين. وكانت القوات الخاصة وقوات الصاعقة المحمولة جواً قد قامت في اليوم السابق بالإسقاط في مؤخرة القوات الإسرائيلية لتنفيذ كمائنَ ضد قوات الاحتياط المتقدمة من الخلف نحو الجبهة على أربعة محاور؛ رمانة، والطاسة، وممر الجدي، وممر متلا، مما أرغم العدو على التحرك ببطءٍ وحذرٍ، وأخّر وصول قواته إلى الميدان لساعاتٍ كانت حاسمةً في تثبيت الوجود المصري شرق القناة. جرى كذلك تحسين الموقف الإداري والتعبوي (اللوجستي) للقوات لإعطائها دفعةً قويةً لمعاركها التالية. أثناءَ ذلك دَعّمتِ القواتُ الإسرائيليةُ موقفها بالتدريج على الجبهة ودفعت بخمسة ألويةٍ مدرعةٍ وثلاثمئة دبابةٍ لتعويض خسائر الألوية المدرعة الثلاثة التي كانت تتمركز في المنطقة خلف تحصينات خط بارليف، قامت مجموعة الصاعقة المؤلفة من 220 فرداً التي أُنزلت بالحوامات في «رمانة» على المحور الساحلي يوم 6 أكتوبر بتعطيل تقدم لواءٍ مدرعٍ نحو الجبهة لأكثرَ من ثلاثين ساعةً (كانت مهمتهم القتالية إعاقة التقدم لست ساعاتٍ فقط) قبل انسحاب المتبقين (25 فرداً) في 8 أكتوبر بعد نفاد الذخيرة في مسيرٍ دام خمسة أيامٍ على الأقدام كانوا فيه يكمنون بالنهار ويتسللون في الليل.

 

(الخسائرالمصرية)

8,528 قتيل من المدنيين العسكريين و 19,549 جريح وتدمير 500 دبابة، 120 طائرة حربية، 15 مروحية.

(الخسائر الإسرائيلية)

من 8,000 إلى 10,000 قتيل 20,000 جريح وتدمير أكثر من 1000 دبابة وإصابة وأسر عدد آخر من الدبابات تدمير من 303 إلى 372 طائرة حربية وتدمير 25 مروحية، انتهت الحرب رسمياً مع نهاية يوم 24 أكتوبر من خلال اتفاق وقف إطلاق النار الموقع بين الجانبين العربي الإسرائيلي، ولكنه لم يدخل حيز التنفيذ على الجبهة المصرية فعليّاً حتى 28 أكتوبر، ولكن على الجبهة المصرية حقق الجيش المصري هدفه من الحرب بعبور قناة السويس وتدمير خط بارليف واتخاذ أوضاع دفاعية، وعلى الرغم من حصار الجيش المصري الثالث شرق القناة، فقد وقفت القوات الإسرائيلية كذلك عاجزة عن السيطرة على مدينتي السويس والإسماعيلية غرب القناة. تلا ذلك مباحثات الكيلو 101 واتفاقيتي فض اشتباك، ثُمّ جرى لاحقاً بعد سنوات توقيع معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل في 26 مارس 1979، واسترداد مصر لسيادتها الكاملة على سيناء وقناة السويس في 25 أبريل 1982في عهد الرئيس الراحل محمد حسني مبارك ، ما عدا طابا التي تم تحريرها عن طريق التحكيم الدولي في 19 مارس 1989، أمّا على الجبهة السوريّة، فقد وسّع الجيش الإسرائيلي الأراضي التي يحتلها وتمدد حوالي 500 كم2 وراء حدود عام 1967 فيما عُرف باسم جيب سعسع، وتلا ذلك حصول حرب استنزاف بين الجانبين السوري والإسرائيلي استمرت 82 يوماً في العام التالي، وانتهت باتفاقية فك الاشتباك بين سوريا وإسرائيل والتي نصت على انسحاب إسرائيل من الأراضي التي سيطرت عليها في حرب أكتوبر، ومن مدينة القنيطرة، بالإضافة لإقامة حزام أمني منزوع السلاح على طول خط الحدود الفاصل بين الجانب السوري والأراضي التي تحتلها إسرائيل.