12:00 | 12 مايو 2017
رئيس مجلس الإدارة
الإشراف العام
محمد عشماوي
رئيس التحرير
منى الطراوي

السلطان محمد الفاتح الجزء السادس

2021/03/11 12:21 PM | المشاهدات: 621


السلطان محمد الفاتح الجزء السادس
محمد السحيلي

 

 

سُقُوط المدينة بيد المُسلمين واتخاذها عاصمةً لِلعُثمانيين 

 

 

 

في صباح يوم 2 ربيع الآخر المُوافق فيه 12 نيسان (أبريل)، أُعطيت الإشارة لِلمدفعيَّة بِالقصف، وابتدأت الحرب. والواضح أنَّ المدفعيَّة العُثمانيَّة كانت سلاحًا حاسمًا في الحصار، إذ أخذت تقصف أبواب وأسوار وأبراج المدينة، وبدأت كُتلٌ كبيرةٌ من الأسوار الخارجيَّة تتخلخل وتسقط على الأرض، ولكن عند حُلُول الظلام كان البيزنطيُّون يعملون في إصلاحها.

فمن المعلوم أنَّ المدافع العُثمانيَّة الهائلة، وخاصَّةً المدفع الشاهاني، كان الواحد منها يُطلق سبع طلقات في اليوم وطلقة واحدة بِالليل، حيثُ يستغرقُ ملئ المدفع وتبريده ساعتين، فكان المُدافعون يستغلُّون هذه المُدَّة لِإصلاح الأضرار.

 وتُبالغ المصادر القديمة في تحديد وزن القذيفة، فتجعلها بِالأطنان، ويُعتقد أنَّ وزنها الفعليّ وصل إلى مئات الكيلوغرامات.

ولم تنقطع المُساعدات المسيحيَّة من أوروپَّا، ففي أثناء الحصار وصلت الإمدادات الجنويَّة بِقيادة يُوحنَّا جوستنياني، وتوجَّهت لِلدُخول إلى ميناء القُسطنطينيَّة، فعارضتها السُفن العُثمانيَّة وانتشرت بينهما معركةٌ هائلة في يوم 11 ربيع الآخر 857هـ المُوافق فيه 21 نيسان (أبريل) 1453م، انتهت بِفوز جوستنياني ودُخُوله الميناء بعد أن رفع المحصورون السلسلة الحديديَّة الغليظة ثُمَّ أعادوها بعد مُرور الجنويين كما كانت.

 وكان لِوُصُول هذه القُوَّة أثرٌ كبيرٌ في رفع معنويَّات البيزنطيين، وقد عُيِّن قائدها جوستنياني قائدًا لِلقُوَّات المُدافعة عن المدينة.

وقد حاولت القُوَّات البحريَّة العُثمانيَّة تخطِّي السلسلة الضخمة سالِفة الذِكر والوُصُول بِالسُفن الإسلاميَّة إلى داخل المضيق، وأطلقوا سهامهم على السُفن الأوروپيَّة والبيزنطيَّة ولكنهم فشلوا في تحقيق مرادهم في البداية، وارتفعت الروح المعنويَّة لِلمُدافعين عن المدينة. 

ويُروى أنَّ السُلطان مُحمَّد لمَّا رأى ما نزل بِسُفنه ورجاله من القتل والتمزيق لم يتمالك نفسه، فاندفع نحو البحر حتَّى غاص حصانه إلى صدره، وكانت السُفن المُتقاتلة على مرمى حجرٍ منه، فأخذ يصيح لِأمير البحار سُليمان باشا بلطة أوغلي أن يمنع الأعداء بِكُل ما أوتي من قُوَّة، ثُمَّ خرج من الماء بعد أن دخل الجنويُون المضيق، وعاد إلى مُعسكره وهو مُطرقٌ في صمتٍ مُغيظ، واستدعى إليه سُليمان باشا وعنَّفهُ واتهمه بِالجُبن، واكتفى بِعزله من منصبه لمَّا رأى أنَّهُ أُصيب في عينه وأنَّهُ فعل ما بوسعه لِلحيلولة دون دُخُول الجنويين إلى المضيق لولا أن عاكسته الرياح، وعيَّن بدلًا منه حمزة بك الأرناؤوطي.

 

 

 

 

تكدَّر السُلطان بعدما أُشكل أمر فتح المدينة، فانتهز الصدر الأعظم خليل باشا الجندرلي الفُرصة، واتفق معهُ كثيرٌ من الوُزراء والأُمراء المُعارضين لِهذه الحملة، فألحُّوا على السُلطان في قُبُول المُصالحة،وقال خليل باشا أنَّهُ قد يكون من المُمكن إسقاط الإمبراطوريَّة البيزنطيَّة إلَّا أنَّ هذا سوف يجُر الدولة العُثمانيَّة إلى حربٍ مع أوروپَّا بِأسرها، واقترح على السُلطان قبول 70,000 دوقيَّة ذهبيَّة كجزيةٍ سنويَّةٍ وإبرام الصُلح مع الإمبراطور.

 تردَّد السُلطان في اتخاذ قراره، واستشار بقيَّة أُمرائه وعُلمائه، فأشار عليه أكثر العُلماء والمشايخ، ومن الوزراء زغانوس باشا وإسحٰق باشا بِالثبات على الحصار والقتال، وبشَّره الشيخ آق شمسُ الدين بِالفتح، فقوي قلب السُلطان بِإشارتهم ونصيحتهم، فردَّ المُخالفين، وأمر بِالمُحاصرة من جانب القرن الذهبي أيضًا، وأخذ يُفكِّر في طريقةٍ لِدُخُول مراكبه إلى المضيق لِإتمام الحصار.

 وخطرت بِبال السُلطان فكرة غريبة تقضي بِنقل المراكب برًّا خلف هضاب غلطة، من ميناء بشكطاش حتَّى القرن الذهبي. وتمَّ هذا العمل بِتمهيد طريق البر المُختلف على طولها، فقيل فرسخٌ واحدٌ (ثلاثة أميال) وقيل فرسخان (ستة أميال)، فرُصَّت فوقه ألواحٌ من الخشب صُبَّت عليها كميَّة من الزيت والدُّهن لِسُهُولة زلق المراكب عليها، وبِهذه الكيفيَّة أمكن نقل نحو سبعين سفينة في ليلةٍ واحدةٍ، وأضحت العاصمة البيزنطيَّة، بعد ذلك، مُحاصرةً ومُهددةً من الجهات كافَّة.

وحتَّى يُموِّه السُلطان على هذه العمليَّة، قامت مدفعيَّته، المُرابطة خلف أسوار غلطة وفي أعالي الهضاب، بإطلاق قذائفها باتجاه الأسوار المُطلَّة على القرن الذهبي بِصُورةٍ مُستمرَّةٍ، ليلًا ونهارًا.

 

 

 

استيقظ أهلُ المدينة البائسة صباح يوم 12 ربيع الآخر المُوافق فيه 22 نيسان (أبريل) على تكبيرات العُثمانيين المُدوِّية، وهتافاتهم المُتصاعدة، وأناشيدهم الإيمانيَّة العالية، وموسيقاهم العسكريَّة، وفُوجئوا بِالسُفن العُثمانيَّة وهي تُسيطر على ذلك المعبر المائي، ولم يعد هُناك حاجزٌ مائيٌّ بين المُدافعين عن القُسطنطينيَّة وبين الجُنُود العُثمانيين، وأدركوا أنَّ لا مناص من نصر المُسلمين عليهم، وقد كتب المُؤرِّخ الرومي «دوكاس» يصف الصدمة البيزنطيَّة: «مَا رَأَينَا وَلَا سَمِعنَا مِن قَبلِ بِمِثلِ هَذَا الشَّيءَ الخَارِق؛ مُحَمَّدٌ الفَاتِح يُحَوِّلُ الأَرضَ إِلَى بِحَارٍ وَتَعبُرُ سُفُنَهُ فَوقَ قِمَمِ الجِبَالِ بَدَلًا مِنَ الأَموَاجِ، لَقَد فَاقَ مُحَمَّد الثَانِي بِهَذَا العَمَلِ الإِسكَندَرَ الأَكبَرَ».

 والحقيقة أنَّ الصدمة كانت عنيفةً جدًا، إذ إنَّ هذه العمليَّة أحدثت انهيارًا في معنويَّات البيزنطيين، لِأنَّ الأسوار في هذه الناحية كانت ضعيفة ولم يكن يُعتمد عليها، لِاستبعاد وُصُول أُسطولٍ مُعادٍ إلى داخل الميناء. وبعد ستَّة أسابيعٍ من الحصار والقصف، تبلورت مواقع اقتحام المدينة وهي بين تكفور سراي وباب أدرنة، وعند باب القدِّيس رومانوس في وادي ليكوس، وبِالقُرب من الباب العسكري الثالث.

وفي يوم 15 جُمادى الأولى 857هـ المُوافق فيه 24 أيَّار (مايو) 1453م، بعث السُلطان مُحمَّد نسيبه الأمير قاسم بك بن إسفنديار الجندرلي إلى الإمبراطور البيزنطي، يُخبره أنَّهُ لو سلَّم البلد إليه طوعًا يتعهَّد إليه بِعدم مس حُريَّة الأهالي أو أملاكهم وأن يُعطيه شبه جزيرة بلبونس لِيحكمها تحت سيادة الدولة العُثمانيَّة.

 ردَّ قُسطنطين قائلًا أنَّهُ يشكر الله إذا جنح السُلطان إلى السلم وأنَّهُ يرضى أن يدفع لهُ الجزية، أمَّا القُسطنطينيَّة فإنَّهُ قد أقسم أن يُدافع عنها حتَّى آخر نفس في حياته، فإمَّا أن يحتفظ بِعرشها أو يُدفن تحت أسوارها، وقال أيضًا أنَّ ما يطلب السُلطان تسليمه ليس قلعة بل هو أكبر تاج إمبراطوري مسيحي يرجع تاريخه إلى ألف وخمسُمائة عام، لِذلك فهو سيُقاتل دفاعًا عنه حتَّى الموت، وسيقبل بِأيِّ شُرُوطٍ أُخرى لِلسُلطان.

عند ذلك عقد السُلطان مجلسًا حربيًّا ونبَّه على قادته أن يُعلموا الجُنُود بِالاستعداد لِلهُجُوم في يوم 20 جُمادى الأولى المُوافق فيه 29 أيَّار (مايو)، ووعد الجُنُود بِمكافأتهم عند تمام النصر وبِإقطاعهم أراضي كثيرة. وقد حاول الصدر الأعظم خليل باشا ثني السُلطان عن اتخاذ هذا القرار، لِلمرَّة الأخيرة، بِحُجَّة ما كان قد شاع عن وُصُول قُوَّةٍ مجريَّةٍ وبُندُقيَّةٍ إلى مياه جزيرة ساقز ومضيق چنق قلعة، وأنَّ جيشًا مسيحيًّا كبيرًا أكمل استعداداته الأخيرة لِعُبُور نهر الطونة (الدانوب) نحو الجنوب، لكنَّ السُلطان لم يُصغِ إليه. 

وفي الليلة السابقة لِلهُجُوم أشعلت الجُنُود العُثمانيَّة الأنوار أمام خيامها لِاحتفال بِالنصر المُحقَّق لديهم، وظلُّوا طول ليلتهم يُهلِّلون ويُكبِّرون.

 

 

 

 

ولمَّا لاح الفجر، صدرت أوامر السُلطان بِالهُجُوم العام على القُسطنطينيَّة، وكان قد مضى على حصارها وضربها المُتواصل ثلاثةٍ وخمسين يومًا، فهجم العُثمانيُّون على الأسوار وتسلَّقُوها، وتركَّز الهُجُوم على باب القدِّيس رومانوس في وادي ليكوس، ودخل المُسلمون المدينة من كُلِّ فجٍّ وأعملوا السيف فيمن عارضهم، وأُصيب جوستنياني إصابةً بالغةً أودت بحياته بعد قليل، وأخلى الأهالي الشوارع والبُيُوت والتجأوا إلى الكنائس مع تتابع سُقُوط أقسام المدينة بِيد الفاتحين، وهرع فارسٌ سپاهيٌّ شاب يُدعى حسن الألوباطلي مع 30 جُنديًا وركَّز الراية العُثمانيَّة فوق أحد أبراج باب القدِّيس رومانوس، وقُتل ما أن فعل ذلك مع 18 جُنديًّا من الذين كانوا معه، لكنَّ البقيَّة حافظوا على الراية فلم تسقط بعد ذلك. 

ترجَّل مُحمَّد الثاني عن حصانه ما أن شاهد الراية السُلطانيَّة تُرفرفُ فوق البُرج، وخرَّ على الأرض ساجدًا، شاكرًا الله على تحقيق نُبُوءة فتح القُسطنطينيَّة على يديه، ولُقِّب مُنذ ذلك الوقت بِـ«الفاتح». ولم تلبث جميع أقسام القُسطنطينيَّة أن سقطت بِيد المُسلمين بعد أن قضى الجيش العُثماني على أوكار المُقاومة الأخيرة، فكان فتحها عنوةً.

 وبِفتح القُسطنطينيَّة سقطت الإمبراطوريَّة البيزنطيَّة، بعد أحد عشر قرنًا ونصف تقريبًا، ودخل السُلطان مُحمَّد المدينة عند الظهر في احتفالٍ كبيرٍ، ودخلت معهُ الجُيُوش تسيرُ في تشكيلٍ نظاميٍّ، وتوجَّه نحو ميدان كاتدرائيَّة آيا صوفيا حيثُ تجمَّع آلاف البشر ومعهم الرُهبان والقساوسة، فلمَّا شاهدوا السُلطان سجدوا له على الأرض، فطلب منهم النُهُوض، وأمَّنهم على حياتهم وحُرِّيتهم، ثُمَّ ساعد البطريرك المسكوني «يوستنيانوس الثاني» الذي كان راكعًا على النُهُوض وأمَّنه على نفسه ورعيَّته.

 ثُمَّ زار السُلطان كاتدرائيَّة آيا صوفيا نفسها وأمر بِإفراغها ورفع الآذان فيها، إعلانًا بِجعلها مسجدًا جامعًا لِلمُسلمين.

أمَّا الإمبراطور قُسطنطين فقاتل حتَّى مات في الدفاع عن وطنه، ولا يُعرف على وجه اليقين كيف كانت نهايته، فقيل أنَّهُ مات سحقًا تحت أرجل جُنُوده الهاربين من أمام العُثمانيين، وقيل أنَّ جُنديًا عزبيًّا رآه وهو يُحاول الهُرُوب من ناحية باب أدرنة، فانقضَّ عليه وأسقطه عن حصانه وقطع رأسه، وبقي بين القتلى ولم يُعرف إلَّا من خلال بعض العلائم التي تختص بِالقياصرة بِدلالة بعض أقاربه

 وتذكر بعض المصادر أنَّ السُلطان مُحمَّد أمر بِالبحث عن جُثَّة الإمبراطور وأحضرها وسلَّمها إلى الرُهبان وأمر بِدفنه بِإقامة المراسم ذاتها التي كانت تُقام عند وفاة أي إمبراطورٍ روميّ.

 

 

 

ولمَّا كانت المدينة قد افتُتحت عنوةً، أي بِحدِّ السيف، فقد أمر السُلطان بِالنداء في العسكر بِالتنفيل ثلاثة أيَّام، فغنم عسكر الإسلام غنائم لم يُسمع بِمثلها من قبل في التاريخ الإسلامي، ثُمَّ منعهم بعد ثلاثة أيَّام.

وجال السُلطان في المدينة ليُشاهد معالمها ويتعرَّف على أقسامها، ويُروى أنَّهُ لمَّا شاهد قصر جستنيان وقد أصبح خاويًا على عُرُوشه بعد أن كان مسكن الأباطرة العِظام طيلة قُرُون، أنشد بِالفارسيَّة بيتًا من الشعر لِأنوري الأبيوردي

 

بوم نوبت می‌زند بر طارم افراسیاب پرده‌داری می‌کند در قصر قیصر عنکبوت

وتعريبه: «أصبح البوم قارع الطُبُول في قصر أفراسياب، وأصبح العنكبوت حاجب قصر قيصر»، وهو يقصد بِذلك الإشارة إلى تبدُّل الأيَّام والأحوال، فالبوم والعنكبوت سكنت القُصُور التي كانت يومًا عامرة بالخدم والحشم والحُجَّاب، وزال مُلك الحُكَّام العظام وأصبح كأن لم يكن

. وقرَّر السُلطان أن يتخذ من القُسطنطينيَّة عاصمةً لِدولته، بل العاصمة الإسلاميَّة الكُبرى، فاستبدل اسمها باسم «إسلامبول» أي «تخت الإسلام» أو «مدينة الإسلام»،ثُمَّ حُرِّف هذا اللفظ فيما بعد فأصبح «إستانبول» ثُمَّ «إسطنبول». بعد ذلك أُرسلت المراسيل إلى السلاطين والأُمراء المُسلمين لإعلامهم بفتح المدينة الحصينة، وفي مُقدِّمة هؤلاء الخليفة العبَّاسي المُقيم بالقاهرة، أبو البقاء حمزة بن مُحمَّد القائم بأمر الله، والسُلطان المملوكي الأشرف سيف الدين إينال العلائي، وممَّا ورد في الرسالة إلى السُلطان والخليفة سالفيّ الذكر:

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

رسمٌ لِلقاهرة، عاصمة الدولة المملوكيَّة والخِلافة الإسلاميَّة آنذاك.

مُتيمنًا بذكرهِ القديم ﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾...إنَّ من أحسن سُنن أسلافنا رحمهم الله أنهم مُجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ونحنُ على تلك السُنَّة قائمون وعلى تلك الأُمنية دائمون مُمتثلين بقوله تعالىٰ: ﴿قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾ ومُستمسكين بقوله عليه السلام: «مَنْ اغْبَرَّتْ قَدَمَاهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ». فهممنا هذا العام... مُعتصمين بحبل ذي الجلال والإكرام ومُستمسكين بفضل الملك العلَّام، إلى أداء فرض العزاء في الإسلام مؤتمرين بأمره تعالىٰ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ قَاتِلُواْ الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ﴾. وجهَّزنا عساكر الغُزاة والمُجاهدين من البرِّ والبحر، لفتح مدينة مُلئت فُجورًا وكُفرًا. 

والتي بقيت وسط الممالك الإسلاميَّة تُباهي بكُفرها فخرًا...

 

وقد وصل قاصد السُلطان مُحمَّد إلى القاهرة في شهر شوَّال سنة 857هـ، فلمَّا بلغ السُلطان إينال انتصار العُثمانيين ودُخُول القُسطنطينيَّة في حوزة المُسلمين سُرَّ سُرورًا عظيمًا، ودُقَّت البشائر بِقلعة الجبل، ونُودي في القاهرة بِالزينة، ثُمَّ عيَّن السُلطان أمير الآخور يرشباي رسولًا إلى السُلطان العُثماني يُهنِّئه بِالفتح العظيم، وكذلك فعل السُلطان البهمني علاءُ الدين أحمد شاہ وحُكَّام مُسلمون عديدون.

الكلمات المفتاحية