12:00 | 12 مايو 2017
رئيس مجلس الإدارة
الإشراف العام
محمد عشماوي
رئيس التحرير
منى الطراوي

جرائم الروايات

2021/07/15 09:57 PM | المشاهدات: 574


جرائم الروايات
منة الله محمد

متمثل الجريمة جزءًا مهمًا في عالم الآدب والفن على مر التاريخ، فيمكن أن تتعايش بالقراءة أو المشاهدة الجريمة بتفاصيلها ودماءها وجثثها وصوت الرصاص والقتل بالسكاكين 

وتأتي دائمًا الكتابة في المرتبة الأولى عن تحرر وتعويض الكاتب عن الحب أو الأكتئاب أو الحزن وفي كثير من الأحيان تحررًا من الأوضاع السياسية أو تعويضًا عن ارتكاب الجرائم، مما يجعلنا نتسائل عندما نقرأ رواية أو نشاهد فيلم لجريمة قتل عن خيال الكاتب، ومصدر هذه الفكرة في عقله، وكيف استطاع تنفيذها بهذا الذكاء، وكل هذه التفاصيل الدقيقة التي ساعدت على عدم كشف هوية القاتل المنفذ لتلك الجريمة، وكأن الرواية أو الفيلم ماهما إلا سردًا لجريمة حقيقة ! 

وتبقى دائمًا تساؤلات تخطر على بال القارئ والمشاهد من اندهاشه بتفاصيل الجريمة ولكن لم ولن يخطر أبدًا في عقل أحد عن تحول رواية أدبية إلى دليل رئيسي في محاكمة جريمة قتل قادت مؤلفها إلى السجن المؤبد، ولكن هذا ما حدث مع بعض الكُتّاب والمؤلفين، الذين استعانوا بجرائمهم للبحث عن إلهام يجعلهم يكتبون أولى أعمالهم الأدبية.

 

إقرأ أيضًا/أهم إلهين في مصر القديمة الجزء الأول

 

وبدأ الأمر عام ١٩٩١ مع الكاتب والمؤلف الهولندي "ريتشارد كلينهامر " صاحب رواية الرعب الشهيرة "Woensdag Gehaktdag "بمعنى "الأربعاء .. يوم اللحم المفروم "ولم تكن ضحيته سوى زوجته "جوهانا" التي قتلها بلا سبب أو ذنب، فقط ليكتب رواية تروى قصة قتل زوج لزوجته، وبعد أن قام بدفن جثتها أعلم الشرطة عن اختفائها مما ظن البعض هروبها مع رجل آخر، ولكن بعد البحث والتحقيقات من طرف الشرطة لم يتم العثور على" جوهانا" أو جثتها، واُقفلت القضية بظن هروب "جوهانا" مع رجل آخر، ولم تكشف الجريمة إلا بعد أن قام" "ريتشارد" ببيع منزله عام ١٩٩٧ بثلاث سنوات، حيث اكتشف سكان منزله الجديد عظام ورفات مدفونة بحديقة المنزل، واتصلوا فورًا بالشرطة والتي بدورها قامت بأعتقال" ريتشارد" للتحقيق معه والذي اعترف أن العظام تعود لزوجته التي قتلها منذ تسع سنوات، قائلًا إنه قام بقتل "جوهانا" عام ١٩٩١ وأنها لم تفعل أي شيئًا يدفعه لقتلها، ولكنها كانت إلهامه لكتابة روايته بشكل واضح وتفاصيل دقيقة وليجرب مشاعر القاتل بكل ما يمر به، وأن سبب دفنه لها في حديقة المنزل ما هو إلا خوفًا من كشف أمر روايته قبل النشر وليس من كشف أمر الجريمة 

وعندما سُأل "ريتشارد" من قبل الشرطة عن كيفية قتل زوجته "جوهانا" كان رده: اقرأوا الرواية وستعرفون تفاصيل الجريمة بالكامل

وعلى رغم اعترافه بالجريمة حُكم عليه بالسجن لمدة ٧ سنوات فقط، اقضي منهم سنتين فقط وأطلق سراحه لحُسن السير والسلوك. 

 

إقرأ أيضًا/الشيخ أحمد ياسين ومقاومة الاحتلال الصهيوني

 

أمام عام ٢٠٠٠ خطف رجل أعمال وتم تعذيبه ثلاثة أيام ثم ألقى به في النهر ومات غرقًا، ولم يتم العثور على القاتل، ولكن وجهت إلى الكاتب الروائي " كريستيان بالا" تهمته القتل ولكن القضاء لم يعثر على أدله كافية لإدانته، وبعد أن صدرت رواية "Amok" عام ٢٠٠٣ للكاتب سمحت أوجه الشبه بين الجريمة الحقيقة وتلك الموصوفه في رواية آموك بأعادة فتح الملف وتعديل القرار الاتهامي . 

وكانت الرواية تتحدث عن جريمة قتل امرأة بعد تعذيبها، فذكر كيف قيدت وأغرقت بملابسها الداخلية في نهر أودير جنوب شرق بولندا وكثيرًا من التفاصيل التي كانت خاصة بالمحققين فقط . 

وبعد فتح القضية تم الحكم على "كريستيان بالا" بالسجن لمدة ٢٥ سنة عام ٢٠٠٧، لتورطه في جريمة تعذيب وقتل رجل الأعمال " داريوس جانيسزويسكي" غرقًا بدافع الغيرة والذي كان عشيق زوجته السابقة ، فقد وثق الكاتب البولندي تفاصيل تعذيبه لزوجته في الرواية والتي لم يكن في الحقيقة إلا تفاصيل تعذيب عشيق زوجته السابقة ، فهو استخدم خيال الكاتب الروائي الذي جعله يحول رجل الأعمال إلى أنثى لينتقم من العشيق في الواقع والزوجة في الرواية! وأخذ "كريستيان بالا" الرواية نحذيرًا لطليقته من ارتباطها بغيره .

وأكد التقييم النفسي لبالا وادله الشهود بكونه يحمل ميوب ساديه وحاجته لإظهار تفوقه والسيطرة لديه، كما أكد الخبراء أن الحالة النفسية للقاتل كريس بطل الرواية تشبه الحالة النفسية للروائي "كريستيان بالا" ، كما كان يستخدم" كريستيان بالا" إسم "كريس" في حياته الواقعية ورسائل البريد الإلكتروني الخاصة به والمعاملات عبر الإنترنت. 

أهتم الكثير من المخرجين العالمين والمنتجين لهذة القصة بعد الحكم على الكاتب الروائي " كريستيان بالا " وظهرت العديد من افلام مستوحاة من هذة الجريمة حاملًا أسم الرواية . 

 

إقرأ أيضًا/العبادات في مصر القديمة (مكانة الإله رع) الجزء الخامس

 

وكان للكاتب الصيني " ليو يونغ بياو" نصيبًا لهذة الجرائم ، حيث حكم عليه بالإعدام بعد كشف جريمته من روايته عام ٢٠١٠ " سر المذنب " فقد كانت الرواية مستوحاة من قتله لعائلة مكونة لأربعة أشخاص في فندق بعد أن تم تعذيبهم. 

وبعد القبض عليه صرح إنه اُلهم بعضًا من مؤلفاته من الجرائم التي ارتكبها

 

وها نحن أمام جرائم الشاعر والقائد الصربي " رادوفان كرازيتش " الذي حكمت علية محكمة لاهاي الدولية بأربعين سنة سجنًا بعد ان وجه له اتهامات بالقتل الجماعي لثمانية آلاف مسلم، وأيضًا ارتكاب جريمة ضد الإنسانية وحرب وإبادة جماعية عام ٢٠١٦ ، وليس هذا فقط فعام ٢٠١٩ اتهم أيضًا بجريمة إبادة جماعية . 

 

ولم تتوقف الجرائم الشنيعة أمام الروايات فقط، بل هناك آلاف الجرائم التي ليس لها حصر مستوحاة من أفلام عديدة، وأيضًا الكثير من المسلسلات .. تُرى كم جريمة لم تحل كانت بسبب فيلمك أو روايتك المفضلة ؟ 

 

إقرأ أيضًا/أسطورة الصراع بين حورس وست