12:00 | 12 مايو 2017
رئيس مجلس الإدارة
الإشراف العام
محمد عشماوي
رئيس التحرير
منى الطراوي

المسلات المصرية بالعاصمة الأوروبية روما

2021/04/02 06:20 PM | المشاهدات: 1100


المسلات المصرية بالعاصمة الأوروبية روما
رباب رزق

اشتهرت مصر بمسلاتها و تميزت في صنعها و نحتها فعكست براعة المصريين القُدماء في التعامل مع أصلب الصخور إما في قطعها من المحاجر أو النقش عليها مما لفت أنظار العالم إليها في إعجاب و إنبهار .

لم يقف الأمر حد الإعجاب فقط بل حاول البعض أن ينقلها من مكانها الأصلي إلي دولته ، إما عن طريق السرقة و التهريب و إما عن طريق إهداء الحكام و الملوك لها .

ظهرت هذة المسلات في ساحات و ميادين العواصم الأوروبية و تعتبر روما أكثر الدول الأوروبية التي تضم مسلات مصرية ، إذ أنها تضم 13 مسلة ، و لذلك فقد أُطلق عليها ( مدينة المسلات ) ، و من المرجح أن هذا العدد الكبير من المسلات قد تم نقله إليها في فترة الإحتلال الروماني لمصر ، فكان من السهل نقل أي شئ منها إلي عاصمة الإمبراطورية الرومانية روما .

سنتناول الحديث عن خمس من أهم مسلات روما :

(1) مسلة بوبولي

تعد أولي المسلات التي نقلت من مصر إلي روما .
ترجع هذة المسلة إلي الملك "سيتي الأول" و ولده "رمسيس الثاني" ، و الذي أكمل النقوش عليها بعد أبيه و قد تم قطعها من محاجر أسوان من الجرانيت .

أمر الإمبراطور أغسطس بنقلها من مصر آلي روما في القرن الأول قبل الميلاد و قد شهد نقلها إحتفال كبير ، و نال إهتمام خاص بلغ أن السفينة التي أُستخدمت في نقل المسلة كانت معروضة في روما تخليدًا لذكري هذة المناسبة ، و لكن لسوء الحظ تعرضت لحريق كبير أودي بها و لم يبق منها أي أثر .

في أول الأمر تم وضعها في ساحة "سيركوس مكسيموس" و لكن تم نقلها من مكانها في القرن الرابع الميلادي و من ثم إختفت عن الأنظار ولم تشير عنها أي نصوص ، و لكنها ظهرت مرة أخري بعد مرور عشرة قرون و ذلك بعدما أمر البابا "سكتوس الخامس" بترميمها كما أمر بنقلها إلي ساحة بوبولي .

(2) مسلة سان جيوفاني 

تعد من أهم المسلات المعروضة في روما .
توضح النقوش أن "تحتمس الثالث" هو من أمر بقطعها من محاجر أسوان و لكن من الواضح أنه توفي قبل أن ينتهي منها ، و يرجع الفضل في إكمالها إلي "تحتمس الرابع" حفيده .

يُذكر أنها أطول مسلة في روما فيبلغ وزنها 32.18 مترًا ، و لها أكبر قاعدة عرفها التاريخ حيث تزن 230 طنًا ، كما أنها مصنوعة من الجرانيت الوردي و قد كان مكانها الأصلي في معبد الكرنك .

في بادئ الأمر فكر الإمبراطور أغسطس في نقلها و لكنه تراجع عن تلك الفكرة خوفًا من أن يصيبه غضب الإله آمون إذا ما قام بنقل مسلة من معبده ، و لكن بعد مرور ثلاثة قرون أمر الإمبراطور "قسطنطين" بنقلها إلي روما ، و لكن من الواضح أنه توفي قبل أن يكتمل نقلها ، فأكمل عملية نقلها من بعده ابنه "قسطانطينوس" .

قام "قسطانطينوس" بصنع سفينة ضخمة و بالفعل تم نقل المسلة بنجاح في 357م .

بعد قرنين من نقلها و عرضها بإحدي ساحات روما سقطت المسلة أرضًا و تعرضت للكسر و ظلت ملقاه علي الأرض حتي غطاها التراب .

في منتصف القرن السادس أمر البابا "سكتس الخامس" بالبحث عنها و بالفعل بدأت عمليات البحث عنها و تم العثور عليها علي عُمق 7 أمتار ، و تم ترميمها و إقامتها في ساحة سان جيوفاني في لاتيرانو .

(3) مسلة روتندا 

لا يوجد أي معلومات عن الفترة التي نُقلت فيها أو عن مَن قام بنقلها و لكن النقوش الموجودة علي سطحها تشير إلي أن "رمسيس الثاني" هو مَن أمر بقطعها ليضعها في معبده بهليوبوليس .

يبلغ إرتفاعها 7.30 متر ، إلا أن الباقي منها يقل عن طولها الأصلي بحوالي متر .

ظَلت هذة المسلة مهملة حتي أمر البابا "كليمنت الحادي عشر" بنصبها في ساحة روتندا في القرن السادس عشر الميلادي .

(4) مسلة منيرڤا

تشير النقوش الموجودة علي سطحها إلي أن الملك "إبريس" أحد ملوك الأسرة السادسة و العشرون هو من أمر بقطعها ، و يبلغ إرتفاعها 5.74 متر و هي من الجرانيت الأحمر .

أهم ما يميزها هو أن سطحها مُزين بنقوش رأسية في صف واحد تحمل اسم و ألقاب الملك فضلًا عن ألقاب الإله آمون و الإلهة نيت .

يُذكر أنها إستقرت في منطقة "الأيزيوم" و ظلت هناك حتي سقطت و غمرتها الرمال ، إلي أن قام أحد رهبان "الدومنكان" بالعثور عليها عام 1665م وذلك خلال الحفر لرمي أساس كنيستهم ، و من ثم تم ترميمها و إقامتها أمام كنيسة " سانتا ماريا سوبرا منيرڤا ".

(5) مسلة الڤاتيكان

ترجع إلي إمنحوتب الثاني من الأسرة الثانية عشر و يبلغ طولها 25 مترًا .
إستولي عليها الإمبراطور "كاليجولا" وقام بنقلها من هليوبوليس إلي روما عام 37م .

أهم ما يميزها أنها المسلة الوحيدة التي لم تتعرض للسقوط خلال الحقبة الرومانية أو ما بعدها .

هناك إعتقاد أنه قد أضيف للمسلة من أعلي كُرة ذهبية تحوي رماد "يوليوس قيصر" كمظهر من مظاهر التقديس .

في عام 1586م قام "دمنيجو فونتانا" بإزالة الكُرة الذهبية وتم نقل المسلة إلي ساحة "القديس بطرس" أحد أشهر ميادين و ساحات العالم .
أما عن الكُرة الذهبية فتوجد الآن في متحف روما .

رغم أنه من المؤسف أن نفقد مثل هذة المِسلات و نحزن لسرقتها و نهبها من أهلها و هم الأحق بإرث أجدادهم ، إلا أنها الشاهد الوحيد في جميع ميادين و ساحات العالم علي حضارتنا و علي عظمة المصريين القدماء الذين لم يمتلكوا سوي طاقتهم البشرية و عملهم المُتقن فخرج من تحت أيديهم ناطحات سحاب تنافس ناطحات سحاب عصرنا الحديث .